الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فوربك الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : جثيا قال : قعودا ، وفي قوله : عتيا قال : معصية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : عتيا قال : عصيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم ، عن ابن عباس قال : لا أدري كيف قرأ النبي صلى الله عليه وسلم : ( عتيا ) أو : ( جثيا ) فإنهما جميعا بالضم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد " الزهد " والبيهقي في " البعث " عن عبد الله بن باباه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ : ( جثيا ) برفع الجيم و : ( عتيا ) برفع العين و ( صليا ) برفع الصاد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 110 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : حول جهنم جثيا قال : قياما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج : ثم لننزعن قال لنبدأن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : ثم لننزعن الآية : قال : لننزعن من كل أهل دين قادتهم ورءوسهم في الشر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : أيهم أشد على الرحمن عتيا قال : في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج هناد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي الأحوص : ثم لننزعن من كل شيعة الآية ، قال : يبدأ بالأكابر فالأكابر جرما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في " البعث " ، عن ابن مسعود قال : يحشر الأول على الآخر، حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعا، ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرما ثم قرأ : فوربك لنحشرنهم إلى قوله : عتيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي ، عن مجاهد في قوله : لننزعن من كل شيعة قال : من كل أمة أيهم أشد على الرحمن عتيا قال : كفرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى [ ص: 111 ] بها صليا قال : يقول : إنهم أولى بالخلود في جهنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحارث بن أبي أسامة ، وابن جرير بسند حسن ، عن ابن عباس قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد، جنهم وإنسهم، فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض؛ جنهم وإنسهم بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، فزعوا إليهم فيقولون : أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا! ليس فينا وهو آت ، ثم تقاض السماء الثانية، ولأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن جميع أهل الأرض بضعف؛ جنهم وإنسهم، فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض فيقولون : أفيكم ربنا؟ فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا! ليس فينا وهو آت . ثم تقاض السماوات : سماء سماء، كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السماوات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف، فإذا نثروا على وجه الأرض، يفزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تقاض السماء السابعة، فلأهل السماء السابعة أكثر من أهل ست سماوات ومن جميع أهل الأرض بضعف، فيجيء الله فيهم، والأمم جثا صفوف، وينادي مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الحمادون لله [ ص: 112 ] على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثانية : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ؟ فيقومون فيسرحون إلى الجنة، ثم ينادي الثالثة : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم، أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ؟ فيقومون فيسرحون إلى الجنة ، فإذا أخذ من هؤلاء الثلاثة، خرج عنق من النار فأشرف على الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح، فيقول : إني وكلت منكم بثلاثة : بكل جبار عنيد . فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بهم في جهنم ثم يخرج ثانية فتقول : إني وكلت منكم بمن آذى الله ورسوله . فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بهم في جهنم، ثم يخرج ثالثة فتقول : إني وكلت بأصحاب التصاوير فيلقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم، فيجلس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء الثلاثة ومن هؤلاء الثلاثة : نشرت الصحف ووضعت الموازين، ودعي الخلائق للحساب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية