الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة الثامنة والثلاثون ) : فيما إذا وصل بألفاظ العقود ما يخرجها عن موضوعها فهل يفسد العقد بذلك أو يجعل كناية عما يمكن صحته على ذلك الوجه ؟ وفيه خلاف ، يلتفت إلى أن المغلب هل هو اللفظ أو المعنى ، ويتخرج على ذلك مسائل : منها : لو أعاره شيئا وشرط عليه العوض فهل يصح أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : يصح ويكون كناية عن القرض فيملكه بالقبض إذا كان مكيلا أو موزونا ذكره أبو الخطاب في انتصاره ، وكذلك ذكر القاضي في خلافه وأبو الخطاب في موضع من رءوس المسائل أنه يصح عندنا شرط العوض في العارية كما يصح شرط العوض في الهبة ; لأن العارية هبة منفعة ، ولا تفسد بذلك ، مع أن القاضي قرر أن الهبة المشروط فيها العوض ليست بيعا ، وإنما الهبة تارة تكون تبرعا وتارة تكون بعوض ، وكذلك العتق ، ولا يخرجان من موضعها ، فكذلك العارية ، وهذا مأخذ آخر للصحة .

والثاني : أنها تفسد بذلك وجعله أبو الخطاب في موضع آخر المذهب ; لأن العوض يخرجها عن موضعها ، وفي التلخيص إذا أعاره عبده على أن يعيره الآخر فرسه فهي إجارة فاسدة غير مضمونة فهذا رجوع إلى أنها كناية في عقد آخر ، والفساد إما أن يكون لاشتراط عقد في عقد آخر وإما لعدم تقدير المنفعتين ، وعليه خرجه الحارثي وقال : وكذلك لو قال أعرتك عبدي لتمونه أو دابتي لتعلفها ، وهذا يرجع إلى مؤنة العارية على المالك ، وقد صرح الحلواني في التبصرة بأنها على المستعير .

التالي السابق


الخدمات العلمية