الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      له أي لذلك المستخفي أو السارب - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما معقبات أي أعوان وأنصار يتناوبون في أمره بأن يخلف [ كل - ] واحد منهم صاحبه ويكون بدلا منه.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان حفظ جهتي القدام والخلف يستلزم حفظ اليمين والشمال وكان ملأ كل من الجهتين من الحفظة على المخلوق متعذرا، قال آتيا بالجار: من بين يديه أي من قدامه ومن خلفه واستأنف بيان فائدة المعقبات فقال: يحفظونه أي في زعمه من كل شيء يخشاه من أمر الله أي الذي له الإحاطة الكاملة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 292 ] ولما دل هذا على غاية القدرة، وجرت عادة المتمكنين من ملوك الأرض بالتعدي على جيرانهم واستلاب ممالكهم والعسف في شأنهم، زيادة في المكنة وتوسعا في الملك، ولا سيما إذا كان ذلك الجار ظانا مع ضعفه وعجزه أن يحفظه مانع من أخذه، أخبر تعالى من كأنه سأل عن ذلك [ أنه - ] غير هذا لغناه عنه، فقال: إن الله أي الذي له الإحاطة والكمال كله لا يغير ما بقوم أي خيرا كان أو شرا حتى يغيروا ما أي الذي بأنفسهم مما كانوا يزينونها به من التحلي بالأعمال الصالحة والتخلي من أخلاق المفسدين، فإذا غيروا ذلك غير [ ما - ] بهم إذا أراد وإن كانوا في غاية القوة.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان ملوك الدنيا لا يتمكنون غالبا من جميع مراداتهم لكثرة المعارضين من الأمثال الصالحين للملك، قال تعالى عاطفا على ما تقديره: فإذا غيروا ما بأنفسهم أنزل بهم السوء: وإذا أراد الله أي الذي له صفات الكمال بقوم أي وإن كانوا في غاية القوة سوءا فلا مرد له من أحد سواه، وقد تقدم لهذه الآية في الأنفال مزيد بيان.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 293 ] ولما كان كل أحد دونه في الرتبة لا إمكان له أن يقوم مقامه بوجه، قال: وما لهم وبين سفول الرتب كلها عن رتبته فقال: " من دون " وأعرق في النفي [ فقال- ] : من ولما كان السياق ظاهرا في أنه لا منفذ لهم مما أراده، أتى بصيغة فاعل منقوص إشارة إلى نفي أدنى وجوه الولاية فكيف بما فوقها فقال: وال أي [ من - ] ملجأ يعيذهم، بأن الفعل معهم من الإنجاء والنصرة ما يفعل القريب مع وليه الأقرب إليه،

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية