ثم وصف سبحانه طيب هذه الشجرة فوق ما وصف بأن ثمراتها دائمة لا تنقطع، فقال تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=28902_34343_34513_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها أي تؤتي ثمراتها في كل حين، وإيناعها بإذن ربها.
والشجرة هي المشبه به، وقد وصفها سبحانه بأنها طيبة، وطيبها في أنها ثابتة الأصل، وبأنها مرتفعة، وبأنها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
هذا هو المشبه به، فأما المشبه: هي الكلمة الطيبة، والكلمة الطيبة فيها عناصر الطيبة التي ذكرت في الشجرة، فهي كلمة النفس والقلب والعقل، تنبع من القلب والعقل فقال بإخلاص لله تعالى، وهو الحق، وإنها إذ تقال تعلو بصاحبها
[ ص: 4021 ] عن سفساف الأمور، وتتجه به إلى معاليها، فهي ترفع صاحبها ولا تهوي، وهي هادية مرشدة ممتدة النفع تؤتي ثمراتها كل حين، والكلمة الطيبة تبقى ببقاء الأنفس المتبصرة المدركة، فالكلمة حياة تحيي النفوس والأفئدة.
وما الكلمة التي تتحقق فيها هذه المعاني؟ قيل: إنها كلمة التوحيد، وقيل: إنها الإيمان. والحق أنها الكلمة التي تكون صادقة في ذاتها ومنبعثة من النفس لإرضاء الله تعالى، والذود عن محارمه وتتحقق فيها النية الطيبة، والقول الطيب، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=24وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد وروي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
" إن مثل الإيمان كمثل شجرة ثابتة، الإيمان فروعها، والصلاة أصلها، والزكاة فروعها، والصيام أغصانها، والتأذي في الله نباتها، وحسن الخلق ورقها، والكف عن محارم الله ثمرتها ".
ولقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون أي الأمور المتشابهة بين بعضها البعض، فيبين المعنوي بالحسي حتى يصير كأنه محسوس مرئي، ويبين الله سبحانه وتعالى ذلك البيان ليرجوهم أن يتذكروا ويعتبروا، فالرجاء ليس من الله تعالى الذي يعلم كل شيء ولا يغيب عن علمه شيء في الأرض ولا في السماء.
هذا مثل الكلمة الطيبة وهي كلمة الحق الجامعة لكل معاني الخير والطيب والكمال والجمال،
ثُمَّ وَصَفَ سُبْحَانَهُ طِيبَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَوْقَ مَا وَصَفَ بِأَنَّ ثَمَرَاتِهَا دَائِمَةٌ لَا تَنْقَطِعُ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=28902_34343_34513_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا أَيْ تُؤْتِي ثَمَرَاتِهَا فِي كُلِّ حِينٍ، وَإِينَاعُهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا.
وَالشَّجَرَةُ هِيَ الْمُشَبَّهُ بِهِ، وَقَدْ وَصَفَهَا سُبْحَانَهُ بِأَنَّهَا طَيِّبَةٌ، وَطِيبُهَا فِي أَنَّهَا ثَابِتَةُ الْأَصْلِ، وَبِأَنَّهَا مُرْتَفِعَةٌ، وَبِأَنَّهَا تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا.
هَذَا هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ، فَأَمَّا الْمُشَبَّهُ: هِيَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ فِيهَا عَنَاصِرُ الطِّيبَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الشَّجَرَةِ، فَهِيَ كَلِمَةُ النَّفْسِ وَالْقَلْبِ وَالْعَقْلِ، تَنْبُعُ مِنَ الْقَلْبِ وَالْعَقْلِ فَقَالَ بِإِخْلَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ الْحَقُّ، وَإِنَّهَا إِذْ تُقَالُ تَعْلُو بِصَاحِبِهَا
[ ص: 4021 ] عَنْ سَفْسَافِ الْأُمُورِ، وَتَتَّجِهُ بِهِ إِلَى مَعَالِيهَا، فَهِيَ تَرْفَعُ صَاحِبَهَا وَلَا تَهْوِي، وَهِيَ هَادِيَةٌ مُرْشِدَةٌ مُمْتَدَّةُ النَّفْعِ تُؤْتِي ثَمَرَاتِهَا كُلَّ حِينٍ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ تَبْقَى بِبَقَاءِ الْأَنْفُسِ الْمُتَبَصِّرَةِ الْمُدْرِكَةِ، فَالْكَلِمَةُ حَيَاةٌ تُحْيِي النُّفُوسَ وَالْأَفْئِدَةَ.
وَمَا الْكَلِمَةُ الَّتِي تَتَحَقَّقُ فِيهَا هَذِهِ الْمَعَانِي؟ قِيلَ: إِنَّهَا كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَقِيلَ: إِنَّهَا الْإِيمَانُ. وَالْحَقُّ أَنَّهَا الْكَلِمَةُ الَّتِي تَكُونُ صَادِقَةً فِي ذَاتِهَا وَمُنْبَعِثَةً مِنَ النَّفْسِ لِإِرْضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالذَّوْدِ عَنْ مَحَارِمِهِ وَتَتَحَقَّقُ فِيهَا النِّيَّةُ الطَّيِّبَةُ، وَالْقَوْلُ الطَّيِّبُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=24وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ وَرُوِيَ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
" إِنَّ مَثَلَ الْإِيمَانِ كَمَثَلِ شَجَرَةٍ ثَابِتَةٍ، الْإِيمَانُ فَرَوْعُهَا، وَالصَّلَاةُ أَصْلُهَا، وَالزَّكَاةُ فَرَوْعُهَا، وَالصِّيَامُ أَغْصَانُهَا، وَالتَّأَذِّي فِي اللَّهِ نَبَاتُهَا، وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَرَقُهَا، وَالْكَفُّ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ ثَمَرَتُهَا ".
وَلَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أَيِ الْأُمُورَ الْمُتَشَابِهَةَ بَيْنَ بَعْضِهَا الْبَعْضِ، فَيُبَيِّنُ الْمَعْنَوِيِّ بِالْحِسِّيِّ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ مَحْسُوسٌ مَرْئِيٌّ، وَيُبَيِّنُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ الْبَيَانَ لِيَرْجُوَهُمْ أَنْ يَتَذَكَّرُوا وَيَعْتَبِرُوا، فَالرَّجَاءُ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ وَلَا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.
هَذَا مَثَلُ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَهِيَ كَلِمَةُ الْحَقِّ الْجَامِعَةُ لِكُلِّ مَعَانِي الْخَيْرِ وَالطِّيبِ وَالْكَمَالِ وَالْجَمَالِ،