الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف : أنه لما هاجر إلى المدينة - وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم : شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف فأنزل الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، والديلمي عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا، واجعل لي عندك ودا، واجعل لي في صدور المؤمنين مودة، فأنزل الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا [ ص: 145 ] قال : فنزلت في علي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا قال : محبة في قلوب المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي ، وابن مردويه ، عن علي ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : سيجعل لهم الرحمن ودا ما هو؟ قال : المحبة في صدور المؤمنين والملائكة المقربين ، يا علي إن الله أعطى المؤمن ثلاثا ؛ المقة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : سيجعل لهم الرحمن ودا قال : محبة في الناس في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 146 ] وأخرج هناد عن الضحاك : سيجعل لهم الرحمن ودا قال : محبة في صدور المؤمنين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وهناد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس : سيجعل لهم الرحمن ودا قال : يحبهم ويحببهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء والصفات” عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : أني قد أحببت فلانا فأحبه ، فينادي في السماء، ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض، فذلك قول الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا وإذا أبغض الله عبدا، نادى جبريل : إني قد أبغضت فلانا، فينادي في أهل السماء ثم تنزل له البغضاء في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ثوبان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن العبد ليلتمس [ ص: 147 ] مرضاة الله فلا يزال كذلك، فيقول الله لجبريل : يا جبريل إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني، فرضائي عليه . فيقول جبريل : رحمة الله على فلان . ويقول حملة العرش، ويقول الذين يلونهم، حتى يقول أهل السماوات السبع، ثم يهبط إلى الأرض . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وهي الآية التي أنزل الله في كتابه : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا وإن العبد ليلتمس سخط الله فيقول الله : يا جبريل، إن فلانا يسخطني، ألا وإن غضبي عليه . فيقول جبريل : غضب الله على فلان . ويقول حملة العرش، ويقول من دونهم حتى يقوله أهل السماوات السبع، ثم يهبط له إلى الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال : أجد في التوراة : أنه لم تكن محبة لأحد من أهل الأرض، حتى يكون بدؤها من الله تعالى - ينزلها على أهل [ ص: 148 ] الأرض ثم قرأت القرآن فوجدت فيه : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " ، بسند ضعيف عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله أعطى المؤمن ثلاثة : المقة والملاحة والمودة والمحبة في صدور المؤمنين . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات” عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد : سلام عليك أما بعد : فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله، فإذا أحبه الله حببه إلى عباده، وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله، فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لكل عبد صيت فإن كان صالحا وضع في الأرض، وإن كان سيئا وضع في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 149 ] وأخرج أحمد والحكيم الترمذي ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المقة من الله، والصيت من السماء، فإذا أحب الله عبدا قال لجبريل : إني أحب فلانا . فينادي جبريل : إن ربكم يحب فلانا فأحبوه . فتنزل له المحبة في الأرض، وإذا أبغض عبدا قال لجبريل : إني أبغض فلانا فأبغضه فينادي جبريل : إن ربكم يبغض فلانا، فأبغضوه فيجري له البغض في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية