الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 109 ] 167 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أخنع الأسماء ما هو منها ؟

1076 - حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل اللخمي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة يبلغ به النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أخنع الأسماء عند الله رجل تسمى باسم ملك الأملاك .

قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث لنقف على ما المراد به ما هو ؟ فوجدنا الخنع إنما يراد به الذل والخضوع ، يقال منه : خنع الرجل خنوعا إذا خضع فذل ، فكان الخضوع والذلة إنما وقعت في هذا على [ ص: 110 ] ذي الاسم لا الاسم نفسه ؛ لأن الاسم لا يلحقه ذم ولا مدح ، وكان ذلك كقوله عز وجل : سبح اسم ربك الأعلى . في معنى سبح اسم ربك الأعلى باسمه ، فكقوله عز وجل في قصة نبيه لوط - صلى الله عليه وسلم - : ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث . ليس يريد بذلك القرية نفسها ، وإنما يريد أهلها الذين كانوا يعملون الخبائث .

وكقوله عز وجل : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون . يريد أهلها لا هي نفسها . ثم بين عز وجل مراده ذلك فيها بقوله : ولقد جاءهم رسول منهم .

وكان المراد بملك الأملاك الله عز وجل ، فكان المسمى باسم من أسمائه عز وجل متكبرا ، فرده الله عز وجل بذلك إلى الخضوع والذلة ؛ إذ كان أكبر أسمائه عز وجل إنما هي صفاته التي يبين بها عز وجل عن خلقه من الرحمة ومن العزة ومن العظمة ومن الجلال ، ومن ما سوى ذلك عز وجل ، فكان بما سوى ذلك من أسمائه عز وجل كاسمه الأعظم مما قد قال عز وجل : هل تعلم له سميا . فقصر بالخلق عن ذلك ، وتفرد به عز وجل وأضاف أسماءه إليه فقال عز وجل : ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها . وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية