الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( ولا هم ينصرون ( 48 ) )

وتأويل قوله : ( ولا هم ينصرون ) يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر ، كما لا يشفع لهم شافع ، ولا يقبل منهم عدل ولا فدية . بطلت هنالك المحاباة [ ص: 36 ] واضمحلت الرشى والشفاعات ، وارتفع بين القوم التعاون والتناصر وصار الحكم إلى العدل الجبار الذي لا ينفع لديه الشفعاء والنصراء ، فيجزي بالسيئة مثلها وبالحسنة أضعافها . وذلك نظير قوله جل ثناؤه : ( وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون ) [ الصافات : 24 - 26 ] وكان ابن عباس يقول في معنى : ( لا تناصرون ) ، ما : -

887 - حدثت به عن المنجاب ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : ( ما لكم لا تناصرون ) ما لكم لا تمانعون منا ؟ هيهات ليس ذلك لكم اليوم !

وقد قال بعضهم في معنى قوله : ( ولا هم ينصرون ) : وليس لهم من الله يومئذ نصير ينتصر لهم من الله إذا عاقبهم . وقد قيل : ولا هم ينصرون بالطلب فيهم والشفاعة والفدية .

قال أبو جعفر : والقول الأول أولى بتأويل الآية لما وصفنا من أن الله جل ثناؤه إنما أعلم المخاطبين بهذه الآية أن يوم القيامة يوم لا فدية - لمن استحق من خلقه عقوبته - ، ولا شفاعة فيه ، ولا ناصر له . وذلك أن ذلك قد كان لهم في الدنيا ، فأخبر أن ذلك يوم القيامة معدوم لا سبيل لهم إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية