[ ص: 4029 ] nindex.php?page=treesubj&link=23465_30513_34100_34134_34148_34290_844_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال .
الأمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - في مقابل الأمر للكافرين بأن يتمتعوا بالعاجلة، فالآجلة مصيرهم فيها إلى النار، والأمر للمؤمنين هو أمر بثمرات إيمانهم، وعبر عن المؤمنين بـ (عبادي) للإشارة إلى أنهم قاموا بحق العبودية، فلم يشركوا مع الله أحدا، وأخلصوا الذات، وأعطوا ما هو حق على العبد أن يؤديه.
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يقيموا الصلاة أي (أن) هنا محذوفة وهي تفسيرية تفسر مضمون القول، قل لهم أن يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقنهم سرا وعلانية.
أو نقول: " إن قوله تعالى: (يقيموا) خبرية على أنها جواب الأمر، أي قل لهم تكليفات الله ليقيموا الصلاة، ويرى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن تكون (يقيموا) بمعنى ليقيموا الصلاة، والمعنى على ذلك قل لهم مبينا أحكام الشريعة وهديها، وخص الصلاة والزكاة أي الإنفاق؛ لأن الصلاة للتهذيب، وإقامتها استشعار للربوبية، وهي عمود الدين، ولا دين من غير صلاة، والزكاة - أو الإنفاق - فيها التعاون؛ ولذا تسمى (الماعون)، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فويل للمصلين nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=5الذين هم عن صلاتهم ساهون nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=6الذين هم يراءون nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=7ويمنعون الماعون nindex.php?page=treesubj&link=26093_30517الإنفاق في السر سترا للمتجملين من الفقراء حسن في ذاته، والإنفاق علانية للاقتداء ونشر التعاون، وكل في موضعه حسن. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ليتدارك التقصير بتعويض يقدمه أو فدية يفتدي بها نفسه، ولا مخالة وصداقة ينقذ بها الصديق صديقه، والرفيق رفيقه، وقد قال تعالى في هذا المعنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون
والسرية تحسن في حالة التطوع وإيثار ذوي القربى والجيران سترا عليهم، والإعلان يكون في الواجب، وهنا يرد سؤال، إن الزكاة لم تجب إلا في
المدينة، [ ص: 4030 ] والسورة مكية، كما هو معلوم، فكيف يجب الإنفاق؛ ونقول: إن وجوب الإعطاء هو من قبيل معاونة المؤمنين من الضعفاء والأرقاء على الصبر على الأذى يؤذيهم به المشركون لإخراجهم من دينهم، وإنه دعى إلى الزكاة في سورة مكية، منها قوله تعالى في سورة الروم:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=39وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون
وقبل أن ننتقل من هذه الآية الكريمة إلى ما بعدها نذكر كلاما قيما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في حكمة اقتران قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال قال أثابه الله تعالى: " فإن قلت كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه لا بيع فيه ولا خلال؟ قلت: من قبل أن الناس يخرجون أموالهم في عقود المعاوضات، فيعطون بدلا ليأخذوا مثله وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أمثالها أو خيرا منها، وأما الإنفاق لوجه الله خالصا كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وما لأحد عنده من نعمة تجزى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=21ولسوف يرضى فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص فينفقوا منه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال، أي لا انتفاع فيه بمبايعة ولا مخالة، ولا بما ينفقون فيه أموالهم من المعاوضات والمكارمات، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله تعالى " .
وإن هذه إشارة بيانية قويمة تشير إلى أن الإنفاق سرا وعلانية المطلوب هو لوجه الله تعالى، لا للكسب بمعاوضة ولا للكسب بإرضاء صديق أو رجاء في شدة.
وفي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31من قبل أن يأتي إشارة إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=23468الإنفاق لوجه الله تعالى هو ذكر لله تعالى، فليس من التجارة التي قال الله تعالى فيها:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ولا التجارة التي ذم بها المنافقون في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين
[ ص: 4029 ] nindex.php?page=treesubj&link=23465_30513_34100_34134_34148_34290_844_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ .
الْأَمْرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مُقَابِلِ الْأَمْرِ لِلْكَافِرِينَ بِأَنْ يَتَمَتَّعُوا بِالْعَاجِلَةِ، فَالْآجِلَةُ مَصِيرُهُمْ فِيهَا إِلَى النَّارِ، وَالْأَمْرُ لِلْمُؤْمِنِينَ هُوَ أَمْرٌ بِثَمَرَاتِ إِيمَانِهِمْ، وَعَبَّرَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ بِـ (عِبَادِي) لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّهُمْ قَامُوا بِحَقِّ الْعُبُودِيَّةِ، فَلَمْ يُشْرِكُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا، وَأَخْلَصُوا الذَّاتَ، وَأَعْطَوْا مَا هُوَ حَقٌّ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31يُقِيمُوا الصَّلاةَ أَيْ (أَنْ) هُنَا مَحْذُوفَةٌ وَهِيَ تَفْسِيرِيَّةٌ تُفَسِّرُ مَضْمُونَ الْقَوْلِ، قُلْ لَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً.
أَوْ نَقُولُ: " إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: (يُقِيمُوا) خَبَرِيَّةٌ عَلَى أَنَّهَا جَوَابُ الْأَمْرِ، أَيْ قُلْ لَهُمْ تَكْلِيفَاتِ اللَّهِ لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيَرَى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ تَكُونَ (يُقِيمُوا) بِمَعْنَى لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَالْمَعْنَى عَلَى ذَلِكَ قُلْ لَهُمْ مُبَيِّنًا أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ وَهَدْيَهَا، وَخَصَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ أَيِ الْإِنْفَاقَ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لِلتَّهْذِيبِ، وَإِقَامَتُهَا اسْتِشْعَارٌ لِلرُّبُوبِيَّةِ، وَهِيَ عَمُودُ الدِّينِ، وَلَا دِينَ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ، وَالزَّكَاةُ - أَوِ الْإِنْفَاقُ - فِيهَا التَّعَاوُنُ؛ وَلِذَا تُسَمَّى (الْمَاعُونَ)، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=5الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=6الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=7وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ nindex.php?page=treesubj&link=26093_30517الْإِنْفَاقُ فِي السِّرِّ سَتْرًا لِلْمُتَجَمِّلِينَ مِنَ الْفُقَرَاءِ حَسَنٌ فِي ذَاتِهِ، وَالْإِنْفَاقُ عَلَانِيَةً لِلِاقْتِدَاءِ وَنَشْرِ التَّعَاوُنِ، وَكُلٌّ فِي مَوْضِعِهِ حَسَنٌ. nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ لِيَتَدَارَكَ التَّقْصِيرَ بِتَعْوِيضٍ يُقَدِّمُهُ أَوْ فِدْيَةٍ يَفْتَدِي بِهَا نَفْسَهُ، وَلَا مُخَالَّةَ وَصَدَاقَةَ يُنْقِذُ بِهَا الصَّدِيقَ صَدِيقُهُ، وَالرَّفِيقَ رَفِيقُهُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ
وَالسِّرِّيَّةُ تَحْسُنُ فِي حَالَةِ التَّطَوُّعِ وَإِيثَارِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْجِيرَانِ سَتْرًا عَلَيْهِمْ، وَالْإِعْلَانُ يَكُونُ فِي الْوَاجِبِ، وَهُنَا يَرِدُ سُؤَالٌ، إِنَّ الزَّكَاةَ لَمْ تَجِبْ إِلَّا فِي
الْمَدِينَةِ، [ ص: 4030 ] وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، فَكَيْفَ يَجِبُ الْإِنْفَاقُ؛ وَنَقُولُ: إِنَّ وُجُوبَ الْإِعْطَاءِ هُوَ مِنْ قَبِيلِ مُعَاوَنَةِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْأَرِقَّاءِ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى يُؤْذِيهِمْ بِهِ الْمُشْرِكُونَ لِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ دِينِهِمْ، وَإِنَّهُ دَعَى إِلَى الزَّكَاةِ فِي سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الرُّومِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=39وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ
وَقَبْلَ أَنْ نَنْتَقِلَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِلَى مَا بَعْدَهَا نَذْكُرُ كَلَامًا قَيِّمًا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي حِكْمَةِ اقْتِرَانِ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ قَالَ أَثَابَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ طَابَقَ الْأَمْرُ بِالْإِنْفَاقِ وَصْفَ الْيَوْمِ بِأَنَّهُ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ؟ قُلْتُ: مِنْ قِبَلِ أَنَّ النَّاسَ يُخْرِجُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، فَيُعْطُونَ بَدَلًا لِيَأْخُذُوا مِثْلَهُ وَفِي الْمُكَارَمَاتِ وَمُهَادَاةِ الْأَصْدِقَاءِ لِيَسْتَجْرُوا بِهَدَايَاهُمْ أَمْثَالَهَا أَوْ خَيْرًا مِنْهَا، وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ لِوَجْهِ اللَّهِ خَالِصًا كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إِلا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=21وَلَسَوْفَ يَرْضَى فَلَا يَفْعَلُهُ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ الْخُلَّصُ فَيُنْفِقُوا مِنْهُ لِيَأْخُذُوا بَدَلَهُ فِي يَوْمٍ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ، أَيْ لَا انْتِفَاعَ فِيهِ بِمُبَايِعَةٍ وَلَا مُخَالَّةٍ، وَلَا بِمَا يُنْفِقُونَ فِيهِ أَمْوَالَهُمْ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْمُكَارَمَاتِ، وَإِنَّمَا يُنْتَفَعُ فِيهِ بِالْإِنْفَاقِ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى " .
وَإِنَّ هَذِهِ إِشَارَةٌ بَيَانِيَّةٌ قَوِيمَةٌ تُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْإِنْفَاقَ سِرًّا وَعَلَانِيَةً الْمَطْلُوبَ هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، لَا لِلْكَسْبِ بِمُعَاوَضَةٍ وَلَا لِلْكَسْبِ بِإِرْضَاءِ صَدِيقٍ أَوْ رَجَاءٍ فِي شِدَّةٍ.
وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=31مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23468الْإِنْفَاقَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ ذِكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَيْسَ مِنَ التِّجَارَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَلَا التِّجَارَةِ الَّتِي ذَمَّ بِهَا الْمُنَافِقُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ