الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حرر ]

                                                          حرر : الحر : ضد البرد ، والجمع حرور وأحارر على غير قياس من وجهين : أحدهما بناؤه ، والآخر إظهار تضعيفه ; قال ابن دريد : لا أعرف ما صحته . والحار : نقيض البارد . والحرارة : ضد البرودة . أبو عبيدة : السموم ؛ الريح الحارة بالنهار وقد تكون بالليل ، والحرور : الريح الحارة بالليل وقد تكون بالنهار ; قال العجاج :


                                                          ونسجت لوافح الحرور سبائبا ، كسرق الحرير



                                                          الجوهري : الحرور الريح الحارة ، وهي بالليل كالسموم بالنهار ; وأنشد ابن سيده لجرير :


                                                          ظللنا بمستن الحرور ، كأننا     لدى فرس مستقبل الريح صائم



                                                          مستن الحرور : مشتد حرها أي الموضع الذي اشتد فيه ; يقول : نزلنا هنالك فبنينا خباء عاليا ، ترفعه الريح من جوانبه ؛ فكأنه فرس صائم ; أي واقف يذب عن نفسه الذباب والبعوض بسبيب ذنبه ، شبه رفرف الفسطاط عند تحركه لهبوب الريح بسبيب هذا الفرس . والحرور : حر الشمس ، وقيل : الحرور استيقاد الحر ولفحه ، وهو يكون بالنهار والليل ، والسموم لا يكون إلا بالنهار . وفي التنزيل : ولا الظل ولا الحرور قال ثعلب : الظل هاهنا الجنة والحرور النار ; قال ابن سيده : والذي عندي أن الظل هو الظل بعينه والحرور الحر بعينه ، وقال الزجاج : معناه لا يستوي أصحاب الحق الذين هم في ظل من الحق ، وأصحاب الباطل الذين هم في حرور ; أي حر دائم ليلا ونهارا ، وجمع الحرور حرائر ; قال مضرس :


                                                          بلماعة قد صادف الصيف ماءها     وفاضت عليها شمسه وحرائره



                                                          وتقول : حر النهار وهو يحر حرا وقد حررت يا يوم تحر ، وحررت تحر ، بالكسر ، وتحر ; الأخيرة عن اللحياني ، حرا وحرة وحرارة وحرورا أي اشتد حرك ; وقد تكون الحرارة للاسم ، وجمعها حينئذ حرارات ; قال الشاعر :


                                                          بدمع ذي حرارات     على الخدين ، ذي هيدب



                                                          وقد تكون الحرارات هنا جمع حرارة الذي هو المصدر إلا أن الأول أقرب . قال الجوهري : وأحر النهار لغة سمعها الكسائي . الكسائي : شيء حار يار جار ، وهو حران يران جران . وقال اللحياني : حررت يا [ ص: 80 ] رجل تحر حرة وحرارة ; قال ابن سيده : أراه إنما يعني الحر لا الحرية . وقال الكسائي : حررت تحر من الحرية لا غير . وقال ابن الأعرابي : حر يحر حرارا إذا عتق ، وحر يحر حرية من حرية الأصل ، وحر الرجل يحر حرة عطش ; قال الجوهري : فهذه الثلاثة بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل . وفي حديث الحجاج : أنه باع معتقا في حراره . الحرار ، بالفتح : مصدر من حر يحر إذا صار حرا ، والاسم الحرية . وحر يحر إذا سخن ماء أو غيره . ابن سيده : وإني لأجد حرة وقرة أي حرا وقرا ; والحرة والحرارة : العطش ، وقيل : شدته . قال الجوهري : ومنه قولهم أشد العطش حرة على قرة إذا عطش في يوم بارد ، ويقال : إنما كسروا الحرة لمكان القرة . ورجل حران : عطشان من قوم حرار وحرارى وحرارى ، الأخيرتان عن اللحياني ; وامرأة حرى من نسوة حرار وحرارى : عطشى . وفي الحديث : في كل كبد حرى أجر ; الحرى ، فعلى ، من الحر وهي تأنيث حران وهما للمبالغة يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش ، قال ابن الأثير : والمعنى أن في سقي كل ذي كبد حرى أجرا ، وقيل : أراد بالكبد الحرى حياة صاحبها لأنه إنما تكون كبده حرى إذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان ، ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر : في كل كبد حارة أجر ، والحديث الآخر : ما دخل جوفي ما يدخل جوف حران كبد ، وما جاء في حديث ابن عباس : أنه نهى مضاربه أن يشتري بماله ذا كبد رطبة ، وفي حديث آخر : في كل كبد حرى رطبة أجر ; قال : وفي هذه الرواية ضعف ، فأما معنى رطبة فقيل : إن الكبد إذا ظمئت ترطبت ، وكذا إذا ألقيت على النار ، وقيل : كنى بالرطوبة عن الحياة فإن الميت يابس الكبد ، وقيل : وصفها بما يئول أمرها إليه . ابن سيده : حرت كبده وصدره وهي تحر حرة وحرارة وحرارا ; قال :


                                                          وحر صدر الشيخ حتى صلا



                                                          أي التهبت الحرارة في صدره حتى سمع لها صليل ، واستحرت ، كلاهما : يبست كبده من عطش أو حزن ، ومصدره الحرر . وفي حديث عيينة بن حصن : حتى أذيق نساه من الحر مثل ما أذاق نساي ; يعني حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقة ; ومنه حديث أم المهاجر : لما نعي عمر قالت : واحراه ! فقال الغلام : حر انتشر فملأ البشر ، وأحرها الله . والعرب تقول في دعائها على الإنسان : ما له أحر الله صدره أي أعطشه ! وقيل : معناه أعطش الله هامته . وأحر الرجل ؛ فهو محر ; أي صارت إبله حرارا أي عطاشا . ورجل محر : عطشت إبله . وفي الدعاء : سلط الله عليه الحرة تحت القرة ! يريد العطش مع البرد ; وأورده ابن سيده منكرا فقال : ومن كلامهم حرة تحت قرة أي عطش في يوم بارد ; وقال اللحياني : هو دعاء معناه رماه الله بالعطش والبرد . وقال ابن دريد : الحرة حرارة العطش والتهابه . قال : ومن دعائهم : رماه الله بالحرة والقرة ; أي بالعطش والبرد . ويقال : إني لأجد لهذا الطعام حروة في فمي أي حرارة ولذعا . والحرارة : حرقة في الفم من طعم الشيء ، وفي القلب من التوجع ، والأعرف الحروة ، وسيأتي ذكره . وقال ابن شميل : الفلفل له حرارة وحراوة ، بالراء والواو . والحرة : حرارة في الحلق ؛ فإن زادت فهي الحروة ثم الثحثحة ثم الجأز ثم الشرق ثم الفؤق ثم الحرض ثم العسف ، وهو عند خروج الروح . وامرأة حريرة : حزينة محرقة الكبد ; قال الفرزدق يصف نساء سبين فضربت عليهن المكتبة الصفر وهي القداح :


                                                          خرجن حريرات وأبدين مجلدا     ودارت عليهن المقرمة الصفر



                                                          وفي التهذيب : المكتبة الصفر ; وحريرات أي محرورات يجدن حرارة في صدورهن ، وحريرة في معنى محرورة ، وإنما دخلتها الهاء لما كانت في معنى حزينة ، كما أدخلت في حميدة لأنها في معنى رشيدة . قال : والمجلد قطعة من جلد تلتدم بها المرأة عند المصيبة . والمكتبة : السهام التي أجيلت عليهن حين اقتسمن واستهم عليهن . واستحر القتل وحر بمعنى اشتد . وفي حديث عمر وجمع القرآن : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ; أي اشتد وكثر ، وهو استفعل من الحر : الشدة ; ومنه حديث علي : حمس الوغى واستحر الموت . وأما ما ورد في حديث علي ، عليه السلام : أنه قال لفاطمة : لو أتيت النبي ، صلى الله عليه وسلم ؛ فسألته خادما يقيك حر ما أنت فيه من العمل ، وفي رواية : حار ما أنت فيه ، يعني التعب والمشقة من خدمة البيت لأن الحرارة مقرونة بهما ، كما أن البرد مقرون بالراحة والسكون . والحار : الشاق المتعب ومنه حديث الحسن بن علي قال لأبيه لما أمره بجلد الوليد بن عقبة : ول حارها من تولى قارها ; أي ول الجلد من يلزم الوليد أمره ويعنيه شأنه ، والقار : ضد الحار . والحرير : المحرور الذي تداخلته حرارة الغيظ وغيره . والحرة : أرض ذات حجارة سود نخرات كأنها أحرقت بالنار . والحرة من الأرضين : الصلبة الغليظة التي ألبستها حجارة سود نخرة كأنها مطرت ، والجمع حرات وحرار ; قال سيبويه : وزعم يونس أنهم يقولون حرة وحرون ، جمعوه بالواو والنون ، يشبهونه بقولهم أرض وأرضون لأنها مؤنثة مثلها ; قال : وزعم يونس أيضا أنهم يقولون حرة وإحرون يعني الحرار كأنه جمع إحرة ولكن لا يتكلم بها ; أنشد ثعلب لزيد بن عتاهية التميمي ، وكان زيد المذكور لما عظم البلاء بصفين قد انهزم ولحق بالكوفة ، وكان علي رضي الله عنه ، قد أعطى أصحابه يوم الجمل خمسمائة خمسمائة من بيت مال البصرة فلما قدم زيد على أهله قالت له ابنته : أين خمس المائة ؟ فقال :


                                                          إن أباك فر يوم صفين


                                                          لما رأى عكا والأشعريين


                                                          وقيس عيلان الهوازنيين


                                                          وابن نمير في سراة الكندين


                                                          وذا الكلاع سيد اليمانين


                                                          وحابسا يستن في الطائيين


                                                          قال لنفس السوء : هل تفرين ؟


                                                          لا خمس إلا جندل الإحرين



                                                          [ ص: 81 ]

                                                          والخمس قد جشمنك الأمرين     جمزا إلى الكوفة من قنسرين



                                                          ويروى : قد تجشمك وقد يجشمنك . وقال ابن سيده : معنى لا خمس ما ورد في حديث صفين أن معاوية زاد أصحابه يوم صفين خمسمائة فلما التقوا بعد ذلك قال أصحاب علي رضوان الله عليه : لا خمس إلا جندل الإحرين

                                                          أرادوا : لا خمسمائة . والذي ذكره الخطابي أن حبة العرني قال : شهدنا مع علي يوم الجمل فقسم ما في العسكر بيننا فأصاب كل رجل منا خمسمائة خمسمائة ، فقال بعضهم يوم صفين الأبيات . قال ابن الأثير : ورواه بعضهم لا خمس ، بكسر الخاء ، من ورد الإبل . قال : والفتح أشبه بالحديث ، ومعناه ليس لك اليوم إلا الحجارة والخيبة ، والإحرين : جمع الحرة . قال بعض النحويين : إن قال قائل ما بالهم قالوا في جمع حرة وإحرة حرون وإحرون ، وإنما يفعل ذلك في المحذوف ، نحو ظبه وثبة ، وليست حرة ولا إحرة مما حذف منه شيء من أصوله ، ولا هو بمنزلة أرض في أنه مؤنث بغير هاء ؟ فالجواب : إن الأصل في إحرة إحررة ، وهي إفعلة ثم إنهم كرهوا اجتماع حرفين متحركين من جنس واحد ، فأسكنوا الأول منهما ونقلوا حركته إلى ما قبله وأدغموه في الذي بعده ، فلما دخل على الكلمة هذا الإعلال والتوهين ، عوضوها منه أن جمعوها بالواو والنون فقالوا : إحرون ، ولما فعلوا ذلك في إحرة أجروا عليها حرة ، فقالوا : حرون ، وإن لم يكن لحقها تغيير ولا حذف لأنها أخت إحرة من لفظها ومعناها ، وإن شئت قلت : إنهم قد أدغموا عين حرة في لامها ، وذلك ضرب من الإعلال لحقها ; وقال ثعلب : إنما هو الأحرين ، قال : جاء به على أحر كأنه أراد هذا الموضع الأحر ; أي الذي هو أحر من غيره فصيره كالأكرمين والأرحمين . والحرة : أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كبيرة كانت بها وقعة . وفي حديث جابر : فكانت زيادة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، معي لا تفارقني حتى ذهبت مني يوم الحرة ; قال ابن الأثير : قد تكرر ذكر الحرة ويومها في الحديث ، وهو مشهور في الإسلام أيام يزيد بن معاوية ، لما انتهب المدينة عسكره من أهل الشام الذين ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين ، وأمر عليهم مسلم بن عقبة المري في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وعقيبها ، هلك يزيد . وفي التهذيب : الحرة أرض ذات حجارة سود نخرة كأنما أحرقت بالنار . وقال ابن شميل : الحرة الأرض مسيرة ليلتين سريعتين أو ثلاث ، فيها حجارة أمثال الإبل البروك كأنما شيطت بالنار ، وما تحتها أرض غليظة من قاع ليس بأسود ، وإنما سودها كثرة حجارتها وتدانيها . وقال ابن الأعرابي : الحرة الرجلاء الصلبة الشديدة ; وقال غيره : هي التي أعلاها سود وأسفلها بيض . وقال أبو عمرو : تكون الحرة مستديرة ؛ فإذا كان منها شيء مستطيلا ليس بواسع فذلك الكراع . وأرض حرية : رملية لينة . وبعير حري : يرعى في الحرة ، وللعرب حرار معروفة ذوات عدد ، حرة النار لبني سليم ، وهي تسمى أم صبار ، وحرة ليلى وحرة راجل وحرة واقم بالمدينة وحرة النار لبني عبس وحرة غلاس ; قال الشاعر :


                                                          لدن غدوة حتى استغاث شريدهم     بحرة غلاس وشلو ممزق



                                                          والحر بالضم : نقيض العبد ، والجمع أحرار وحرار ; الأخيرة عن ابن جني . والحرة : نقيض الأمة ، والجمع حرائر ، شاذ ; ومنه حديث عمر قال للنساء اللاتي كن يخرجن إلى المسجد : لأردنكن حرائر ; أي لألزمنكن البيوت فلا تخرجن إلى المسجد لأن الحجاب إنما ضرب على الحرائر دون الإماء . وحرره : أعتقه . وفي الحديث : من فعل كذا وكذا فله عدل محرر ; أي أجر معتق ; المحرر : الذي جعل من العبيد حرا فأعتق . يقال : حر العبد يحر حرارة ، بالفتح ، أي صار حرا ; ومنه حديث أبي هريرة : فأنا أبو هريرة المحرر أي المعتق ، وحديث أبي الدرداء : شراركم الذين لا يعتق محررهم ; أي أنهم إذا أعتقوه استخدموه فإذا أراد فراقهم ادعوا رقه . وفي حديث أبي بكر : فمنكم عوف الذي يقال فيه لا حر بوادي عوف ; قال : هو عوف بن محلم بن ذهل الشيباني كان يقال له ذلك لشرفه وعزه ، وإن من حل واديه من الناس كانوا له كالعبيد والخول ، وسنذكر قصته في ترجمة عوف . وأما ما ورد في حديث ابن عمر أنه قال لمعاوية : حاجتي عطاء المحررين ، فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، إذا جاءه شيء لم يبدأ بأول منهم ، أراد بالمحررين الموالي وذلك أنهم قوم لا ديوان لهم ، وإنما يدخلون في جملة مواليهم ، والديوان إنما كان في بني هاشم ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة والإيمان ، وكان هؤلاء مؤخرين في الذكر فذكرهم ابن عمر وتشفع في تقديم إعطائهم لما علم من ضعفهم وحاجتهم ، وتألفا لهم على الإسلام . وتحرير الولد : أن يفرده لطاعة الله ، عز وجل ، وخدمة المسجد . وقوله تعالى : إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني قال الزجاج : هذا قول امرأة عمران ومعناه جعلته خادما يخدم في متعبداتك ، وكان ذلك جائزا لهم ، وكان على أولادهم فرضا أن يطيعوهم في نذرهم ، فكان الرجل ينذر في ولده أن يكون خادما يخدمهم في متعبدهم ولعبادهم ، ولم يكن ذلك النذر في النساء إنما كان في الذكور ، فلما ولدت امرأة عمران مريم قالت : رب إني وضعتها أنثى وليست الأنثى مما تصلح للنذر ، فجعل الله من الآيات في مريم لما أراده من أمر عيسى ، عليه السلام ، أن جعلها متقبلة في النذر فقال ، تعالى : فتقبلها ربها بقبول حسن . والمحرر : النذير . والمحرر : النذيرة ، وكان يفعل ذلك بنو إسرائيل ، كان أحدهم ربما ولد له ولد فربما حرره ; أي جعله نذيرة في خدمة الكنيسة ما عاش لا يسعه تركها في دينه . وإنه لحر : بين الحرية والحرورة والحرورية والحرارة والحرار ، بفتح الحاء ; قال :


                                                          فلو أنك في يوم الرخاء سألتني     فراقك لم أبخل وأنت صديق
                                                          فما رد تزويج عليه شهادة     ولا رد من بعد الحرار عتيق



                                                          والكاف في أنك في موضع نصب لأنه أراد تثقيل ( أن ) فخففها ; قال [ ص: 82 ] شمر : سمعت هذا البيت من شيخ باهلة وما علمت أن أحدا جاء به ; وقال ثعلب : قال أعرابي ليس لها أعراق في حرار ولكن أعراقها في الإماء . والحر من الناس : أخيارهم وأفاضلهم . وحرية العرب : أشرافهم ; وقال ذو الرمة :


                                                          فصار حيا وطبق بعد خوف     على حرية العرب الهزالى



                                                          أي على أشرافهم . قال : والهزالى مثل السكارى وقيل : أراد الهزال بغير إمالة ; ويقال : هو من حرية قومه أي من خالصهم . والحر من كل شيء : أعتقه . وفرس حر : عتيق . وحر الفاكهة : خيارها . والحر : رطب الأزاذ . والحر : كل شيء فاخر من شعر أو غيره . وحر كل أرض : وسطها وأطيبها . والحرة والحر : الطين الطيب ; قال طرفة :


                                                          وتبسم عن ألمى كأن منورا     تخلل حر الرمل ، دعص له ند



                                                          وحر الرمل وحر الدار : وسطها وخيرها ; قال طرفة أيضا :


                                                          تعيرني طوفي البلاد ورحلتي     ألا رب يوم لي سوى حر دارك



                                                          وطين حر : لا رمل فيه . ورملة حرة : لا طين فيها ، والجمع حرائر . والحر : الفعل الحسن . يقال : ما هذا منك بحر أي بحسن ولا جميل ; قال طرفة :


                                                          لا يكن حبك داء قاتلا     ليس هذا منك ، ماوي بحر



                                                          أي بفعل حسن . والحرة : الكريمة من النساء ; قال الأعشى :


                                                          حرة طفلة الأنامل ترتب     ب سخاما ، تكفه بخلال



                                                          قال الأزهري : وأما قول امرئ القيس :


                                                          لعمرك ! ما قلبي إلى أهله بحر     ولا مقصر ، يوما ، فيأتيني بقر



                                                          إلى أهله أي صاحبه . بحر : بكريم لأنه لا يصبر ولا يكف عن هواه ; والمعنى أن قلبه ينبو عن أهله ويصبو إلى غير أهله فليس هو بكريم في فعله ; ويقال لأول ليلة من الشهر : ليلة حرة ، وليلة حرة ، ولآخر ليلة : شيباء . وباتت فلانة بليلة حرة إذا لم تقتض ليلة زفافها ، ولم يقدر بعلها على اقتضاضها ; قال النابغة يصف نساء :


                                                          شمس موانع كل ليلة حرة     يخلفن ظن الفاحش المغيار



                                                          الأزهري : الليث : يقال لليلة التي تزف فيها المرأة إلى زوجها فلا يقدر فيها على اقتضاضها ليلة حرة ; يقال : باتت فلانة بليلة حرة ; وقال غير الليث : فإن اقتضها زوجها في الليلة التي زفت إليه فهي بليلة شيباء . وسحابة حرة : بكر يصفها بكثرة المطر .الجوهري : الحرة الكريمة ; يقال : ناقة حرة وسحابة حرة أي كثيرة المطر ; قال عنترة :


                                                          جادت عليها كل بكر حرة     فتركن كل قرارة كالدرهم



                                                          أراد كل سحابة غزيرة المطر كريمة . وحر البقل والفاكهة والطين : جيدها . وفي الحديث : ما رأيت أشبه برسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من الحسن إلا أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، كان أحر حسنا منه ; يعني أرق منه رقة حسن . وأحرار البقول : ما أكل غير مطبوخ ، واحدها حر ; وقيل : هو ما خشن منها ، وهي ثلاثة : النفل والحربث والقفعاء ; وقال أبو الهيثم : أحرار البقول ما رق منها ورطب ، وذكورها ما غلظ منها وخشن ; وقيل : الحر نبات من نجيل السباخ . وحر الوجه : ما أقبل عليك منه ; قال :


                                                          جلا الحزن عن حر الوجوه فأسفرت     وكان عليها هبوة لا تبلج



                                                          وقيل : حر الوجه مسايل أربعة مدامع العينين من مقدمهما ومؤخرهما ; وقيل : حر الوجه الخد ; ومنه يقال : لطم حر وجهه . وفي الحديث : أن رجلا لطم وجه جارية فقال له : أعجز عليك إلا حر وجهها ؟ والحرة : الوجنة . وحر الوجه : ما بدا من الوجنة . والحرتان : الأذنان ; قال كعب بن زهير :


                                                          قنواء في حرتيها ، للبصير بها     عتق مبين وفي الخدين تسهيل



                                                          وحرة الذفرى : موضع مجال القرط منها ; وأنشد :


                                                          في خششاوي حرة التحرير



                                                          يعني حرة الذفرى ، وقيل : حرة الذفرى صفة أي أنها حسنة الذفرى أسيلتها ، يكون ذلك للمرأة والناقة . والحر : سواد في ظاهر أذن الفرس ; قال :


                                                          بين الحر ذو مراح سبوق



                                                          والحران : السوادان في أعلى الأذنين . وفي قصيد كعب بن زهير :


                                                          قنواء في حرتيها



                                                          البيت أراد بالحرتين الأذنين كأنه نسبها إلى الحرية وكرم الأصل . والحر : حية دقيقة مثل الجان أبيض ، والجان في هذه الصفة ; وقيل : هو ولد الحية اللطيفة ; قال الطرماح :


                                                          منطو في جوف ناموسه     كانطواء الحر بين السلام



                                                          وزعموا أنه الأبيض من الحيات ، وأنكر ابن الأعرابي أن يكون الحر في هذا البيت الحية ، وقال : الحر هاهنا الصقر ; قال الأزهري : وسألت عنه أعرابيا فصيحا فقال مثل قول ابن الأعرابي ; وقيل : الحر الجان من الحيات ، وعم بعضهم به الحية . والحر : طائر صغير ; الأزهري عن شمر : يقال لهذا الطائر الذي يقال له بالعراق باذنجان لأصغر ما يكون جميل حر . والحر : الصقر . وقيل : هو طائر نحوه ، وليس به ، أنمر أصقع قصير الذنب عظيم المنكبين والرأس ; وقيل : إنه يضرب إلى الخضرة وهو يصيد . والحر : فرخ الحمام ; وقيل : الذكر منها . وساق حر : الذكر من القماري ; قال حميد بن ثور :


                                                          وما هاج هذا الشوق إلا حمامة     دعت ساق حر ترحة وترنما



                                                          وقيل : الساق الحمام ، وحر فرخها ; ويقال : ساق حر صوت [ ص: 83 ] القماري ; ورواه أبو عدنان : ساق حر ، بفتح الحاء وهو طائر تسميه العرب ساق حر ، بفتح الحاء ؛ لأنه إذا هدر كأنه يقول : ساق حر ، وبناه صخر الغي فجعل الاسمين اسما واحدا فقال :


                                                          تنادي ساق حر ، وظلت أبكي     تليد ما أبين لها كلاما



                                                          وقيل : إنما سمي ذكر القماري ساق حر لصوته كأنه يقول : ساق حر ساق حر ، وهذا هو الذي جرأ صخر الغي على بنائه كما قال ابن سيده ، وعلله فقال : لأن الأصوات مبنية إذ بنوا من الأسماء ما ضارعها . وقال الأصمعي : ظن أن ساق حر ولدها وإنما هو صوتها ; قال ابن جني : يشهد عندي بصحة قول الأصمعي أنه لم يعرب ، ولو أعرب لصرف ساق حر ؛ فقال : ساق حر إن كان مضافا ، أو ساق حرا إن كان مركبا فيصرفه لأنه نكرة ، فتركه إعرابه يدل على أنه حكى الصوت بعينه وهو صياحه ساق حر ساق حر ; وأما قول حميد بن ثور :


                                                          وما هاج هذا الشوق إلا حمامة     دعت ساق حر . . . . . . . . .



                                                          البيت ; فلا يدل إعرابه على أنه ليس بصوت ، ولكن الصوت قد يضاف أوله إلى آخره ، وكذلك قولهم خاز باز ، وذلك أنه في اللفظ أشبه باب دار ; قال والرواية الصحيحة في شعر حميد :


                                                          وما هاج هذا الشوق إلا حمامة     دعت ساق حر في حمام ترنما



                                                          وقال أبو عدنان : يعنون بساق حر لحن الحمامة . أبو عمرو : الحرة البثرة الصغيرة ; والحر : ولد الظبي في بيت طرفة :


                                                          بين أكناف خفاف فاللوى     مخرف تحنو لرخص الظلف حر



                                                          والحريرة بالنصب : واحدة الحرير من الثياب . والحرير : ثياب من إبريسم . والحريرة : الحسا من الدسم والدقيق ، وقيل : هو الدقيق الذي يطبخ بلبن ، وقال شمر : الحريرة من الدقيق ، والخزيرة من النخال ; وقال ابن الأعرابي : هي العصيدة ثم النخيرة ثم الحريرة ثم الحسو . وفي حديث عمر : ذري وأنا أحر لك ; يقول ذري الدقيق لأتخذ لك منه حريرة . وحر الأرض يحرها حرا : سواها . والمحر : شبحة فيها أسنان ، وفي طرفها نقران يكون فيهما حبلان ، وفي أعلى الشبحة نقران فيهما عود معطوف ، وفي وسطها عود يقبض عليه ثم يوثق بالثورين ; فتغرز الأسنان في الأرض حتى تحمل ما أثير من التراب إلى أن يأتيا به المكان المنخفض . وتحرير الكتابة : إقامة حروفها وإصلاح السقط . وتحرير الحساب : إثباته مستويا لا غلث فيه ولا سقط ولا محو . وتحرير الرقبة : عتقها . ابن الأعرابي : الحرة الظلمة الكثيرة ، والحرة : العذاب الموجع .

                                                          والحران : نجمان عن يمين الناظر إلى الفرقدين إذا انتصب الفرقدان اعترضا ؛ فإذا اعترض الفرقدان انتصبا . والحران : الحر وأخوه أبي ، قال : هما أخوان وإذا كان أخوان أو صاحبان وكان أحدهما أشهر من الآخر سميا جميعا باسم الأشهر ; قال المنخل اليشكري :


                                                          ألا من مبلغ الحرين عني     مغلغلة ، وخص بها أبيا
                                                          فإن لم تثأرا لي من عكب     فلا أرويتما أبدا صديا
                                                          يطوف بي عكب في معد     ويطعن بالصملة في قفيا



                                                          قال : وسبب هذا الشعر أن المتجردة امرأة النعمان كانت تهوى المنخل اليشكري ; وكان يأتيها إذا ركب النعمان ، فلاعبته يوما بقيد جعلته في رجله ورجلها فدخل عليهما النعمان وهما على تلك الحال ، فأخذ المنخل ودفعه إلى عكب اللخمي صاحب سجنه ؛ فتسلمه فجعل يطعن في قفاه بالصملة ، وهي حربة كانت في يده . وحران : بلد معروف . قال الجوهري : حران بلد بالجزيرة ، هذا إذا كان فعلانا فهو من هذا الباب ، وإن كان فعالا فهو من باب النون . وحروراء : موضع بظاهر الكوفة تنسب إليه الحرورية من الخوارج ; لأنه كان أول اجتماعهم بها وتحكيمهم حين خالفوا عليا ، وهو من نادر معدول النسب ؛ إنما قياسه حروراوي قال الجوهري : حروراء اسم قرية ، يمد ويقصر ، ويقال : حروري بين الحرورية . ومنه حديث عائشة وسئلت عن قضاء صلاة الحائض فقالت : أحرورية أنت ؟ هم الحرورية من الخوارج الذين قاتلهم علي ، وكان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروف ؛ فلما رأت عائشة هذه المرأة تشدد في أمر الحيض شبهتها بالحرورية ، وتشددهم في أمرهم وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها ; وقيل : أرادت أنها خالفت السنة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين . قال الأزهري : ورأيت بالدهناء رملة وعثة يقال لها رملة حروراء . وحري : اسم ; ونهشل بن حري . والحران : موضع ; قال :


                                                          فساقان فالحران فالصنع فالرجا     فجنبا حمى فالخانقان فحبحب



                                                          وحريات : موضع ; قال مليح :


                                                          فراقبته حتى تيامن ، واحتوت     مطافيل منه حريات فأغرب



                                                          والحرير : فحل من فحول الخيل معروف ; قال رؤبة :


                                                          عرفت من ضرب الحرير عتقا     فيه ، إذا السهب بهن ارمقا



                                                          الحرير : جد هذا الفرس ، وضربه : نسله . وحر : زجر للمعز ; قال :


                                                          شمطاء جاءت من بلاد البر     قد تركت حيه وقالت : حر !
                                                          ثم أمالت جانب الخمر     عمدا على جانبها الأيسر



                                                          قال : وحيه زجر للضأن ، وفي المحكم : وحر زجر للحمار ، وأنشد الرجز . وأما الذي في أشراط الساعة يستحل الحر والحرير ; قال ابن الأثير : هكذا ذكره أبو موسى في حرف الحاء والراء وقال : الحر ، بتخفيف الراء ، الفرج وأصله حرح ، بكسر الحاء وسكون الراء ، [ ص: 84 ] ومنهم من يشدد الراء ، وليس بجيد ؛ فعلى التخفيف يكون في حرح لا في حرر ، قال : والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه يستحلون الخز ، بالخاء والزاي ، وهو ضرب من ثياب الإبريسم معروف ، وكذا جاء في كتاب البخاري وأبي داود ، ولعله حديث آخر كما ذكره أبو موسى ، وهو حافظ عارف بما روى وشرح فلا يتهم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية