الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1646 - مسألة : وللعبد أن يتصدق من مال سيده بما لا يفسد ، واستدركنا في تصدق العبد الخبر الذي قد ذكرناه ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجيب دعوة المملوك } .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق أحمد بن شعيب نا قتيبة نا حاتم - هو ابن إسماعيل - عن يزيد بن أبي عبيد قال : سمعت عميرا مولى آبي اللحم قال : { أمرني مولاي أن أقدد لحما فجاءني مسكين فأطعمته ، فعلم بذلك مولاي فضربني ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال : لم ضربته ؟ فقال : يطعم طعامي بغير أن آمره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الأجر بينكما } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة ، وابن نمير ، وزهير بن حرب كلهم عن حفص بن غياث عن محمد بن زيد عن عمير مولى آبي اللحم قال { كنت مملوكا فسألت [ ص: 127 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتصدق من مال موالي شيئا ؟ قال : نعم ، والأجر بينكما نصفان } قال أبو محمد : لا يخلو مال العبد من أن يكون له كما نقول نحن ، أو يكون لسيده كما يقولون ، فإن كان مال فصدقة المرء من ماله فعل حسن مندوب إليه ، وإن كان لسيده فهذا نص جلي بإباحة الصدقة له منه - فليعضدوا بالجندل .

                                                                                                                                                                                          وقد بينا أن قوله تعالى : { عبدا مملوكا لا يقدر على شيء } ليس بضرورة العقل والحس في كل مملوك ; لأننا نراهم لا يعجزون عن شيء مما يعجز عنه الحر - فصح أنه تعالى إنما عنى بعض العبيد ممن هذه صفته ، كما قال تعالى : { ضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء } وليس كل أبكم كذلك ، فصح أنه تعالى أراد من البكم من هذه صفته - ويلزمهم على هذا أن يسقطوا عنه الصلاة ، والوضوء والغسل ، والصيام ، إذا كان عندهم لا يقدر على شيء .

                                                                                                                                                                                          فإن قالوا : هذه أعمال أبدان .

                                                                                                                                                                                          قلنا : قد تركتم احتجاجكم بظاهر الآية بعد وأتيتم بدعوى في الفرق بين أعمال الأبدان وأعمال الأموال بلا برهان والحج عمل بدن فألزموه إياه . فإن قالوا : قد يجبر بالمال . قلنا فأسقطوا عنه الصوم بهذا الدليل السخيف ; لأنه يجبر بالمال من عتق المكفر وإطعامه - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية