الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
العيب في الرهن .

( قال : الشافعي ) : رحمه الله تعالى : الرهن رهنان فرهن في أصل الحق لا يجب الحق إلا بشرطه وذلك أن يبيع الرجل الرجل البيع على أن يرهنه الرهن يسميانه فإذا كان هكذا فكان بالرهن عيب في بدنه أو عيب في فعله ينقص ثمنه وعلم المرتهن العيب قبل الارتهان فلا خيار له والرهن والبيع ثابتان ، وإن لم يعلمه المرتهن فعلمه بعد البيع فالمرتهن بالخيار بين فسخ البيع ، وإثباته ، وإثبات الرهن للنقص عليه في الرهن كما يكون هذا في البيوع . والعيب الذي يكون له به الخيار كل ما نقص ثمنه من شيء قل أو كثر حتى الأثر الذي لا يضر بعمله والفعل فإذا كان قد علمه فلا خيار له . ولو كان قتل أو ارتد وعلم ذلك [ ص: 155 ] المرتهن ثم ارتهنه كان الرهن ثابتا فإن قتل في يديه فالبيع ثابت ، وقد خرج الرهن من يديه ، وإن لم يقتل فهو رهن بحاله ، وكذلك لو سرق فقطع في يديه كان رهنا بحاله ، ولو كان المرتهن لم يعلم بارتداده ، ولا قتله ، ولا سرقته فارتهنه ثم قتل في يده أو قطع كان له فسخ البيع .

ولو لم يكن الراهن دلس للمرتهن فيه بعيب ودفعه إليه سالما فجنى في يديه جناية أو أصابه عيب في يديه كان على الرهن بحاله ، ولو أنه دلس له فيه بعيب ، وقبضه فمات في يديه موتا قبل أن يختار فسخ البيع لم يكن له أن يختار فسخه لما فات من الرهن ، وليس هذا كما يقتل بحق في يديه أو يقطع في يديه ، وهكذا كل عيب في رهن ما كان حيوان أو غيره . ولو اختلف الراهن والمرتهن في العيب فقال الراهن : رهنتك الرهن ، وهو بريء من العيب ، وقال : المرتهن ما رهنتنيه إلا معيبا فالقول قول الراهن مع يمينه إذا كان العيب مما يحدث مثله ، وعلى المرتهن البينة فإن أقامها فللمرتهن الخيار كما وصفت .

وإذا رهن الرجل الرجل العبد أو غيره على أن يسلفه سلفا فوجد بالرهن عيبا أو لم يجده فسواء ، وله الخيار في أخذ سلفه حالا ، وإن كان سماه مؤجلا ، وليس السلف كالبيع ورهن يتطوع به الراهن وذلك أن يبيع الرجل الرجل البيع إلى أجل بغير شرط رهن فإذا وجب بينهما البيع وتفرقا ثم رهنه الرجل فالرجل متطوع بالرهن فليس للمرتهن إن كان بالرهن عيب ما كان أن يفسخ البيع ; لأن البيع كان تاما بلا رهن ، وله إن شاء أن يفسخ الرهن ، وكذلك له إن شاء لو كان في أصل البيع أن يفسخه ; لأنه كان حقا له فتركه ويجوز رهن العبد المرتد والقاتل والمصيب للحد ; لأن ذلك لا يزيل عنه الرق فإذا قتل فقد خرج من الرهن فإذا ارتد الرجل عن الإسلام ثم رهن عبدا له فمن أجاز بيع المرتد أجاز رهنه ، ومن رد بيعه رد رهنه .

( قال الربيع ) : كان الشافعي يجيز رهن المرتد كما يجوز بيعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية