الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 685 ] بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة العصر

وهي مكية.

قوله عز وجل:

والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر

قال ابن عباس رضي الله عنهما: العصر: الدهر، يقال فيه: عصر وعصر - بضم العين والصاد، وقال امرؤ القيس:


. . . . . . . وهل يعمن من كان في العصر الخالي؟



وقال قتادة : العصر: العشي، وقال أبي بن كعب : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن العصر فقال: "أقسم ربكم بآخر النهار"، وقال بعض العلماء -وذكره أبو علي - العصر: اليوم، والعصر: الليلة، ومنه قول حميد:


ولن يلبث العصران: يوم وليلة     إذا طلبا أن يدركا ما تيمما



[ ص: 686 ] وقال بعض العلماء: العصر بكرة، والعصر عشية، وهما الأبردان، وقال مقاتل : العصر هي الصلاة الوسطى، أقسم الله تعالى بها.

و "الإنسان" اسم جنس، و"الخسر": النقصان وسوء الحال، وذلك بين غاية البيان في الكافر أنه خسر الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين، وأما المؤمن -وإن كان في خسر في دنياه في هرمه وما يقاسيه من شقاء هذه الدار- معفو عنه في جانب فلاحه في الآخرة، وربحه الذي لا يفنى، ومن كان في مدة عمره في التواصي بالحق والصبر والعمل بحسب الوصاة فلا خسر معه، وقد جمع له الخير كله.

وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "والعصر، ونوائب الدهر، إن الإنسان"، وفي مصحف عبد الله : "والعصر لقد خلقنا الإنسان في خسر"، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ: "إن الإنسان لفي خسر، وإنه فيه إلى آخر الدهر، إلا الذين" ، وقرأ عاصم ، والأعرج : "لفي خسر" بضم السين، وقرأ سلام أبو المنذر: "والعصر" بكسر الصاد، "والصبر" بكسر الباء، وهذا لا يجوز إلا في الوقف على نقل الحركة، وروي عن أبي عمرو : "بالصبر" بكسر الباء إشماما وهذا أيضا لا يكون إلا في الوقف.

كمل تفسير سورة [ العصر] والحمد لله رب العالمين

التالي السابق


الخدمات العلمية