الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الطرف الثاني : في اجتماع أقارب المحتاج والأقارب المحتاجين ، وفيه أربعة فصول :

                                                                                                                                                                        [ ص: 90 ] الأول : في اجتماع الفروع الذين تلزمهم النفقة للأصل المحتاج ، فإذا اجتمع اثنان من الأولاد ، نظر ؛ إن استويا في القرب والوراثة أو عدمها ، والذكورة والأنوثة ، فالنفقة عليهما بالسوية ، سواء استويا في اليسار ، أم تفاوتا ، وسواء أيسرا بالمال أو الكسب ، أو أحدهما بمال ، والآخر بكسب ، فإن كان أحدهما غائبا ، أخذ قسطه من ماله ، فإن لم يكن له مال اقترض عليه . وإن اختلفا في شيء من ذلك ، ففيه طريقان : أحدهما : النظر إلى القرب ، فإن كان أحدهما أقرب ، فالنفقة عليه سواء كان وارثا أو غيره ، ذكرا أو أنثى ، فإن استويا في القرب ، ففي التقديم بالإرث وجهان ، فإن قدمنا بالإرث ، فكانا وارثين ، فهل يستويان في قدر النفقة ، أم تتوزع بحسب الإرث ؟ وجهان : الطريق الثاني : النظر إلى الإرث ، فإن كان أحدهما وارثا دون الآخر ، فالنفقة على الوارث ، وإن كان الآخر أقرب ، فإن تساويا في الإرث ، قدم الأقرب ، فإن تساويا في القرب ، فالنفقة عليهما ، ثم هل تستوي أم توزع بحسب الإرث ؟ فيه الوجهان . وإذا استويا في المنظور إليه على اختلاف الطريقين ، فهل يختص الذكر بالوجوب ، أم يستويان ؟ وجهان : وأصح الطريقين عند الإمام والغزالي والبغوي وغيرهم : الأول ، دون اعتبار الإرث والذكورة ، واختيار العراقيين يخالفهم في بعض الصور كما نذكره في الأمثلة - إن شاء الله تعالى - .

                                                                                                                                                                        أمثلة : ابن وبنت ، النفقة عليهما سواء ، إن اعتبرنا القرب ، أو أصل الإرث ، وإن اعتبرنا الذكورة ، فعلى الابن فقط ، وهو اختيار العراقيين .

                                                                                                                                                                        بنت وابن ابن ، هي على البنت إن اعتبرنا القرب ، وعليهما بالسوية إن اعتبرنا الإرث ، وعلى ابن الابن إن اعتبرنا الذكورة ، وهذا اختيار العراقيين .

                                                                                                                                                                        [ ص: 91 ] بنت وبنت ابن ، هي على البنت إن اعتبرنا القرب ، وعليهما إن اعتبرنا الإرث .

                                                                                                                                                                        بنت وابن بنت ، هي على البنت إن اعتبرنا القرب ، أو الإرث ، وعلى ابن البنت إن اعتبرنا الذكورة .

                                                                                                                                                                        ابن ابن وابن بنت ، عليهما إن اكتفينا بالقرب ، وعلى الأول إن رجحنا الإرث .

                                                                                                                                                                        بنت ابن وابن بنت ، هي على بنت الابن ، إن اعتبرنا الإرث ، وعلى ابن البنت إن اعتبرنا الذكورة ، وعليهما إن اكتفينا بالاستواء في الدرجة .

                                                                                                                                                                        بنت بنت وبنت ابن ابن ، هي على الأولى إن اعتبرنا القرب ، وعلى الثانية إن اعتبرنا الإرث .

                                                                                                                                                                        بنت بنت وبنت ابن ، عليهما إن اكتفينا بالاستواء في الدرجة ، وعلى الثانية إن اعتبرنا الإرث .

                                                                                                                                                                        ابن وولد خنثى ، إن قلنا في اجتماع الابن والبنت ، تكون عليهما ، فكذا هنا ، وإن قلنا : تكون على الابن ، فهنا وجهان : أحدهما : على الابن نصفها ، لأنه المستيقن ، والنصف الآخر يقترضه الحاكم ، فإن بان ذكرا ، فالرجوع عليه ، وإلا فعلى الابن ، وأصحهما : يؤخذ الجميع من الابن ، فإن بان الخنثى ذكرا ، رجع عليه بالنصف .

                                                                                                                                                                        بنت وولد خنثى ، إن قلنا في اجتماع الابن والبنت : النفقة عليهما ، فكذا هنا ، وإن قلنا : على الابن ، فوجهان : أحدهما : هي على الخنثى ، فإن بانت أنوثته ، رجعت على أختها بالنصف . والثاني : لا يؤخذ منه إلا النصف ، لأنه اليقين ، ويؤخذ النصف الآخر من البنت ، فإن بانت ذكورته ، رجعت عليه .

                                                                                                                                                                        [ ص: 92 ] قلت : كان ينبغي أن يجيء وجه الاقتراض ، ولا يؤخذ من البنت شيء . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية