الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 358 ] فصل في شروط الاقتداء وآدابه

                                                                                                                                                                        فأما الشروط ، فسبعة : أحدها : أن لا يتقدم المأموم على الإمام في جهة القبلة . فإن تقدم لم تنعقد صلاته على الجديد الأظهر . ولو تقدم في خلالها بطلت . والقديم : أنها تنعقد . والمستحب للمأموم أن يتأخر عن موقف الإمام قليلا إن كان وحده . فإن ائتم اثنان فصاعدا ، اصطفوا خلفه . ولو تساوى الإمام والمأموم ، صحت صلاته . والاعتبار في التقدم والمساواة بالعقب ، فلو استويا في العقب ، وتقدمت أصابع المأموم ، لم يضر . وإن تأخرت أصابع المأموم عن أصابع الإمام ، وتقدم عقبه ، فعلى القولين . وقيل : تصح قطعا . وفي الوسيط : أن الاعتبار بالكعب . والصحيح : الأول . هذا فيمن بعد عن الكعبة . فإن صلوا في المسجد الحرام ، فالمستحب أن يقف الإمام خلف المقام ، ويقف الناس مستديرين بالكعبة ، فإن كان بعضهم أقرب إليها ، نظر : إن كان متوجها إلى الجهة التي توجه إليها الإمام ، ففيه القولان ؛ القديم والجديد ، وإن كان متوجها إلى غيرها ، فالمذهب صحة صلاة المأموم قطعا . وقيل : على القولين . ولو وقف الإمام والمأموم داخل الكعبة ، فإن كان وجه المأموم إلى ظهر الإمام ، أو وجهه إلى وجهه ، أو ظهره إلى ظهره ، وليس المأموم أقرب إلى الجدار ، صح اقتداؤه ، وكذا إن كان أقرب إلى الجدار على المذهب . وقيل : على القولين . وإن كان ظهره إلى وجه الإمام فعلى القولين . ولو وقف الإمام في الكعبة ، والمأموم خارجها جاز ، وله التوجه إلى أي جهة شاء ولو وقفا بالعكس ، جاز أيضا ، لكن إن توجه إلى الجهة التي توجه إليها الإمام ، عاد القولان .

                                                                                                                                                                        [ ص: 359 ] فرع

                                                                                                                                                                        إذا لم يحضر مع الإمام إلا ذكر ، فليقف عن يمينه بالغا كان أو صبيا ، ولو وقف عن يساره ، أو خلفه ، لم تبطل صلاته . فإن جاء مأموم آخر ، وقف عن يساره وأحرم . ثم إن أمكن تقدم الإما وتأخر المأمومين لسعة المكان من الجانبين - تقدم أو تأخر ، أو أيهما أولى ؟ وجهان . الصحيح الذي قطع به الأكثرون : تأخرهما . والثاني : تقدمه . قاله القفال ، لأنه يبصر ما بين يديه . فإن لم يمكن إلا التقدم ، أو التأخر لضيق المكان من أحد الجانبين ، فعل الممكن ، وهذا في القيام . أما إذا لحق الثاني في التشهد ، أو السجود ، فلا تقدم ولا تأخر حتى يقوموا . ولو حضر معه في الابتداء رجلان ، أو رجل وصبي ، اصطفا خلفه . ولو لم يحضر معه إلا إناث ، صفهن خلفه ، سواء الواحدة وجماعتهن . وإن حضر معه رجل وامرأة ، قام الرجل عن يمينه ، والمرأة خلف الرجل . وإن حضر معه امرأة ورجلان ، أو رجل وصبي ، قام الرجلان ، أو الرجل والصبي خلف الإمام صفا ، وقامت هي خلفهما . وإن كان معه رجل ، وامرأة ، وخنثى ، وقف الرجل عن يمينه ، والخنثى خلفهما ، والمرأة خلف الخنثى . وإن حضر رجال وصبيان ، وقف الرجال خلف الإمام في صف ، أو صفوف . والصبيان خلفهم ، وفي وجه : يقف بين كل رجلين صبي ليتعلموا أفعال الصلاة . ولو حضر معهم نساء ، أخر صف النساء عن الصبيان . هذا كله إذا لم يكن الرجال عراة ، فإن كانوا ، وقف إمامهم وسطهم وصاروا صفا . وأما النساء الخلص ، إذا أقمن جماعة ، فقد قدمنا في باب ستر العورة كيف يقفن . وأن إمامتهن تقف وسطهن .

                                                                                                                                                                        [ ص: 360 ] قلت : ولو صلى خنثى بنساء ، تقدم عليهن . والله أعلم . وكل هذا استحباب ، ومخالفته لا تبطل الصلاة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا دخل رجل والجماعة في الصلاة ، كره أن يقف منفردا ، بل إن وجد فرجة ، أو سعة في الصف ، دخلها . وله أن يخرق الصف إذا لم يكن فيه فرجة وكانت في صف قدامه ، لتقصيرهم بتركها . فلو لم يجد في الصف سعة ، فوجهان . أحدهما : يقف منفردا ، ولا يجذب إلى نفسه أحدا ، نص عليه في ( البويطي ) والثاني - وهو قول أكثر الأصحاب : يجر إلى نفسه واحدا . ويستحب للمجرور أن يساعده . وإنما يجره بعد إحرامه . ولو وقف منفردا ، صحت صلاته .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية