الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (53) قوله تعالى: وما بكم : يجوز في "ما" وجهان، أحدهما: أن تكون موصولة، والجار صلتها، وهي مبتدأ، والخبر قوله: فمن الله والفاء زائدة في الخبر لتضمن الموصول معنى الشرط، تقديره: والذي استقر بكم. و من نعمة بيان للموصول. وقدر بعضهم متعلق "بكم" خاصا فقال: "وما حل بكم أو نزل بكم" وليس بجيد; إذ لا يقدر إلا كون مطلق.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها شرطية، وفعل الشرط بعدها محذوف وإليه نحا الفراء، وتبعه الحوفي وأبو البقاء. قال الفراء: "التقدير: وما يكن بكم". وقد رد هذا بأنه لا يحذف فعل إلا بعد "إن" خاصة، في موضعين، أحدهما: أن يكون في باب الاشتغال نحو: وإن أحد من المشركين استجارك لأن المحذوف في حكم المذكور. والثاني: أن تكون "إن" متلوة ب "لا" [ ص: 239 ] النافية، وأن يدل على الشرط ما تقدمه من الكلام كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      2982 - فطلقها فلست لها بكفء وإلا يعل مفرقك الحسام

                                                                                                                                                                                                                                      أي: وإن لا تطلقها، فحذف لدلالة قوله "فطلقها" عليه، فإن لم توجد "لا" النافية، أو كانت الأداة غير "إن" لم يحذف إلا ضرورة، مثال الأول:


                                                                                                                                                                                                                                      2983 - قالت بنات العم يا سلمى وإن     كان غنيا معدما قالت: وإن

                                                                                                                                                                                                                                      أي: وإن كان غنيا رضيته. ومثال الثاني:


                                                                                                                                                                                                                                      2984 - صعدة نابتة في حائر     أينما الريح تميلها تمل

                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر:


                                                                                                                                                                                                                                      2985 - فمتى واغل ينبهم يحيو     ه وتعطف عليه كأس الساقي

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فإليه تجأرون الفاء جواب "إذا". والجؤار رفع الصوت، قال رؤبة يصف راهبا: [ ص: 240 ]

                                                                                                                                                                                                                                      2986 - يراوح من صلوات الملي     ك طورا سجودا وطورا جؤارا

                                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من قيده بالاستغاثة، وأنشد الزمخشري :


                                                                                                                                                                                                                                      2987 - جآر ساعات النيام لربه      ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الجؤار كالخوار، جأر الثور وخار واحد، إلا أن هذا مهموز العين وذلك معتلها. وقال الراغب: "جأر إذا أفرط في الدعاء والتضرع، تشبيها بجؤار الوحشيات".

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الزهري: "تجرون" بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، كما قرأ نافع: "ردا" في "ردءا".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية