الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ؛ " تأكلوا " ؛ جزم ب " لا " ؛ لأن " لا " ؛ التي ينهى بها تلزم الأفعال؛ دون الأسماء؛ [ ص: 258 ] وتأثيرها فيها بالجزم؛ لأن الرفع يدخلها؛ بوقوعها موضع الأسماء؛ والنصب يدخلها لمضارعة الناصب فيها الناصب للأسماء؛ وليس فيها بعد هذين الحيزين إلا الجزم؛ ومعنى " بالباطل " : أي: بالظلم.

                                                                                                                                                                                                                                        وتدلوا بها إلى الحكام ؛ أي: تعملون على ما يوجبه ظاهر الحكم؛ وتتركون ما قد علمتم أنه الحق؛ ومعنى " تدلوا " ؛ في اللغة: إنما أصله من " أدليت الدلو " ؛ إذا أرسلتها للملء؛ و " دلوتها " ؛ إذا أخرجتها؛ ومعنى " أدلى لي فلان بحجته " : أرسلها؛ وأتى بها على صحة؛ فمعنى " وتدلوا بها إلى الحكام " : أي: تعملون على ما يوجبه الإدلاء بالحجة؛ وتخونون في الأمانة.

                                                                                                                                                                                                                                        لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ؛ أي: وأنتم تعلمون أن الحجة عليكم في الباطن؛ وإن ظهر خلافها؛ ويجوز أن يكون موضع " وتدلوا " : جزما؛ ونصبا؛ فأما الجزم فعلى النهي؛ معطوف على " ولا تأكلوا " ؛ ويجوز أن تكون نصبا؛ على ما تنصب الواو؛ وهو الذي يسميه بعض النحويين " الصرف " ؛ ونصبه بإضمار " أن " ؛ المعنى: لا تجمعوا بين الأكل بالباطل؛ والإدلاء إلى الحكام؛ وقد شرحنا هذا قبل هذا المكان.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية