الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب كيف التيمم

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى قال الله عز وجل { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } ( قال الشافعي ) أخبرنا إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عن ابن الصمة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه } ( قال الشافعي ) ومعقول : إذا كان التيمم بدلا من الوضوء على الوجه واليدين أن يؤتى بالتيمم على ما يؤتى بالوضوء عليه فيهما وإن الله عز وجل إذا ذكرهما فقد عفا في التيمم عما سواهما من أعضاء الوضوء والغسل ( قال الشافعي ) ولا يجوز أن يتيمم الرجل إلا أن ييمم وجهه وذراعيه إلى المرفقين ويكون المرفقان فيما ييمم فإن ترك شيئا من هذا لم يمر عليه التراب قل أو كثر كان عليه أن ييممه وإن صلى قبل أن ييممه أعاد الصلاة وسواء كان ذلك مثل الدرهم أو أقل منه أو أكثر كل ما أدركه الطرف منه أو استيقن أنه تركه وإن لم يدركه طرفه واستيقن أنه ترك شيئا فعليه إعادته وإعادة كل صلاة صلاها قبل أن يعيده ( قال ) وإذا رأى أن قد أمس يديه التراب على وجهه وذراعيه ومرفقيه ولم يبق شيئا أجزأه ( قال الشافعي ) ولا يجزئه إلا أن يضرب ضربة لوجهه وأحب إلي أن يضربها بيديه معا فإن اقتصر على ضربها بإحدى يديه وأمرها على جميع وجهه أجزأه وكذلك إن ضربها ببعض يديه إنما أنظر من هذا إلى أن يمرها على وجهه وكذلك إن ضرب التراب بشيء فأخذ الغبار من أداته غير يديه ثم أمره على وجهه وكذلك إن يممه غيره بأمره وإن سفت عليه الريح ترابا عمه فأمر ما على وجهه منه على وجهه لم يجزه ; لأنه لم يأخذه لوجهه ولو أخذ ما على رأسه لوجهه فأمره عليه أجزأه وكذلك لو أخذ ما على بعض بدنه غير وجهه وكفيه .

( قال الشافعي ) ويضرب بيديه معا لذراعيه لا يجزيه غير ذلك إذا يمم نفسه ; لأنه لا يستطيع أن يمسح يدا إلا باليد التي تخالفها فيمسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى ( قال الشافعي ) ويخلل أصابعه بالتراب ويتتبع مواضع الوضوء بالتراب كما يتتبعها بالماء ( قال ) وكيفما جاء بالغبار على ذراعيه أجزأه أو أتى به [ ص: 66 ] غيره بأمره كما قلت في الوجه ( قال الشافعي ) ووجه التيمم ما وصفت من ضربه بيديه معا لوجهه ثم يمرهما معا عليه وعلى ظاهر لحيته ولا يجزيه غيره ولا يدع إمراره على لحيته ويضرب بيديه معا لذراعيه ثم يضع ذراعه اليمنى في بطن كفه اليسرى ثم يمر بطن راحته على ظهر ذراعه ويمر أصابعه على حرف ذراعه وأصبعه الإبهام على بطن ذراعه ليعلم أنه قد استوظف وإن استوظف في الأولى كفاه من أن يقلب يده فإذا فرغ من يمنى يديه يمم يسرى ذراعيه بكفه اليمنى ( قال ) وإن بدأ بيديه قبل وجهه أعاد فيمم وجهه ثم ييمم ذراعيه وإن بدأ بيسرى ذراعيه قبل يمناها لم يكن عليه إعادة وكرهت ذلك له كما قلت في الوضوء وإن كان أقطع اليد أو اليدين يمم ما بقي من القطع وإن كان أقطعهما من المرفقين يمم ما بقي من المرفقين وإن كان أقطعهما من المنكبين فأحب إلي أن يمر التراب على المنكبين وإن لم يفعل فلا شيء عليه ; لأنه لا يدين له عليهما فرض وضوء ولا تيمم وفرض التيمم من اليدين على ما عليه فرض الوضوء .

ولو كان أقطعهما من المرفقين فأمر التراب على العضدين كان أحب إلي احتياطا وإنما قلت بهذا ; لأنه اسم اليد وليس بلازم ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمم ذراعيه فدل على أن فرض الله عز وجل في التيمم على اليدين كفرضه على الوضوء .

التالي السابق


الخدمات العلمية