الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة أربع وعشرين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها :

أن الجند أحدقوا بدار الخلافة وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها ، وطولب الراضي بأن يخرج فيصلي بالناس ليراه الناس معهم ، فخرج وصلى ، وقال في خطبته : اللهم إن هؤلاء الغلمان بطانتي وظهارتي فمن أراده بسوء فأرده ، ومن كادهم بكيد فكده . وقبض الغلمان على الوزير وسألوا الخليفة أن يستوزر غيره ، فرد الخيار إليهم ، وقالوا : علي بن عيسى ، فاستحضره وعرضت عليه الوزارة فأبى وأشار بأخيه أبي علي عبد الرحمن بن عيسى ، [فقلد الوزارة وخلع عليه .

واحترقت دار ابن مقلة وحمل إلى دار عبد الرحمن بن عيسى ] ، فضرب حتى صار جسمه كأنه الباذنجان . [وأخذ خطه بألف ألف دينار ، ثم عجز عبد الرحمن بن عيسى ] عن تمشية الأمور ، وضاق الحال فاستعفى ، فقبض عليه لسبع خلون من رجب ، فكانت وزارته خمسين يوما ، وقلد الوزارة أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي ، ثم عزل ، وقلد سليمان بن الحسن وكان هذا كله من عمل الأتراك والغلمان .

ومن العجائب : أن دار ابن مقلة احترقت في مثل اليوم الذي أمر فيه بإحراق دار [ ص: 357 ] سليمان بن الحسن بباب المحول [في ] مثل ذلك الشهر بينهما سنة ، وكتب على حيطان دار ابن مقلة :


أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ولم تخف سوء ما يأتي به القدر     وسالمتك الليالي فاغتررت بها
وعند صفو الليالي يحدث الكدر

وغلا السعر ، فجاع الناس وعدم الخبز خمسة أيام ، ووقع الطاعون ، واقترب بذلك الموت ، وخص ذلك الضعفاء ، وكان يجعل على النعش اثنين ، وربما كان بينهما صبي ، وربما بقي الموتى على الطريق على حالهم ، وربما حفرت حفائر [كبار ] فيلقى في الحفيرة خلق كثير ، ومات بأصبهان نحو مائتي ألف .

ووقع حريق بعمان فاحترق من العبيد السود سوى البيض [اثنا عشر ألفا و ] أربعمائة حمل كافور .

التالي السابق


الخدمات العلمية