الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وبعد ذلك أشار إلى نعمائه على أهل الأرض فيما أنعم فقال تعالت كلماته:

                                                          والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون .

                                                          مددناها بسطناها ليسهل الانتقال فيها والإقامة في أجزائها. وتبدو مبسوطة سهلة مع أن تعاقب الليل والنهار يدلان على أنها تدور حول الشمس، وأنها كرة سابحة في الفضاء بقدر معلوم، كما قال سبحانه وتعالى: والأرض بعد ذلك دحاها والأرض فرشناها فنعم الماهدون فكان خلق الأرض ومدها ودحوها نعما مكنت الإنسان من الانتفاع بها، ويقول سبحانه وتعالى: وألقينا فيها رواسي (رواس) جمع راس أي ثابت، يثبت الأرض بثقله، كما قال تعالى في آية أخرى: والجبال أوتادا

                                                          وإنه من تلاقي السماء الدنيا بالأرض يكون المطر الذي ينبت به كل شيء، وكما قال تعالى: وجعلنا من الماء كل شيء حي فمن هذا المطر يكون الغيث الذي ينبت به النبات؛ ولذا قال تعالى: وأنبتنا فيها من كل شيء موزون وموزون معناها مناسب مقدر بقدره الذي يكفي أهلها، ويجعل إقامتهم فيها طيبة راضية، وقد وزنها خالق كل شيء ولتكون للأحياء عليها غير [ ص: 4079 ] منقوصة، بل كاملة تجعلهم في بحبوحة وسعادة كاملة لو أحسنوا فيما بينهم، ولعل في ذلك ردا على الذين يدعون إلى نقص سكان الأرض بدعوى أن الأرض ضاقت بمن فيها، وكما قال الذين يريدون أكل الشعوب الضعيفة وإبادتها، أو أن تكون طعما لهم أن الإنسان تكاثر نسله، فليحد ذلك التكاثر، إن بكر الأرض والماء اللذين لم يستغلا أكثر وفرا وأدر خيرا، إن خالق الإنسان هو الذي جعل النبات بقدر موزون، وهو الخلاق العليم.

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية