الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        كتاب الوصايا الثاني

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2 - (ق 2) نسخة القرويين رقم (370)

                                                                                                                                                                                        3 - (ق 6) نسخة القرويين رقم (368)

                                                                                                                                                                                        4 - (ق 7) نسخة القرويين رقم (367) [ ص: 3618 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 3619 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

                                                                                                                                                                                        كتاب الوصايا الثاني

                                                                                                                                                                                        باب في اختلاف الشهادة في الوصية

                                                                                                                                                                                        وإذا شهد شاهدان بوصية الثلث ، وشهد وارثان أنه أوصى بعتق هذا العبد وهو الثلث ، وكانت الشهادة عن مجلسين ، لم ينظر إلى أعدل البينتين ، وكانت الشهادة بالعتق أولى إذا كان العبد ممن لا يرغب في ولائه .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان ممن يرغب في ولائه ، وكان في الورثة نساء أو لم يكن ، فقال ابن القاسم : الشهادة بالثلث أولى . وقال محمد : الشهادة بالعتق أولى . وهو أحسن; لأن الولاء أمر يبعد رجوعه ولا يتهم فيه الآن ، وأرى الشهادة بالثلث أولى ليس للتهمة في الولاء ، والتهمة ها هنا في الفرار من الشركة في كل ما يخلفه الميت من ثوب ومسكن وغيره ، فيسكن معهم الدار ويستخدم العبد ويدعوهم إلى البيع ، ولو كانت الوصية بالثلث للمساكين ، لكان [ ص: 3620 ] أخف ، وإن اختلفت الشهادة عن مجلس واحد ، كان تكاذبا ، فإن كان العبد ممن لا يرغب في ولائه قضي بأعدل البينتين للعتق أو للثلث ، وإن تكافأتا في العدالة وقف بعضها بعضا ، ويعتق العبد بإقرار الورثة إذا لم يكن معهما غيرهما ، وقد اختلف في هذا الأصل ، فقيل : قد اتفقت الشهادات على وصية الميت ، وأنها تستغرق الثلث ، فعلى الورثة أن يخرجوا من الثلث لأهل الوصايا فيقتسمونه بينهم ، فيأخذ الموصى له بالثلث نصف وصيته ، ويعتق نصف العبد ، وهو أبينها . وإن شهد شاهدان أنه وصى بالثلث ، وشهد وارثان أنه رجع عنه إلى عتق هذا العبد ، وكان ممن لا يرغب في ولائه ، كان العتق أولى على مذهب ابن القاسم ، وإن شهد وارثان بالثلث لرجل ، وشهد شاهدان أنه أوصى بالثلث لآخر ، والشهادتان عن مجلسين قضى بجميعهما وكان الثلث بين الموصى لهما نصفين ، وإن كانت الشهادتان عن مجلس قضى بأعدلهما .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا تكافأتا هل تقسم بينهما أو يكون لمن شهد له الورثة؟ وأن يقسم بينهما أحسن . وإن كان الورثة أدنى عدالة فقضي بالثلث للآخر ، كان لمن شهد له الورثة ثلث الباقي ، وقيل : له الثلث كله ، وكذلك في العتق إذا كان الحكم أن يبدأ بالثلث ، ثم صار العبد إلى الشاهدين من الورثة ، فقال ابن [ ص: 3621 ] القاسم : يعتق جميعه ويكون الغصب على الورثة .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب : يعتق ثلثاه ، وهذا إذا اقتسما حتى صار العبد إلى الشاهدين ، فأما مع بقاء الشركة مع البنات ، فإنه لا يعتق من العبد شيء; لأن عتق نصيب من أقر عيب على البنات . [ ص: 3622 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية