الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما .

                                                                                                                                                                                                                                      الأظهر أن معنى قوله : كان غراما ، أي : كان لازما دائما غير مفارق ، ومنه سمي الغريم لملازمته ، ويقال : فلان مغرم بكذا ، أي : لازم له ، مولع به .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا المعنى دلت عليه آيات من كتاب الله ; كقوله تعالى : ولهم عذاب مقيم [ 9 \ 68 ] وقوله : لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون [ 43 \ 75 ] وقوله : فسوف يكون لزاما [ 25 \ 77 ] وقوله تعالى : فلن نزيدكم إلا عذابا [ 78 \ 30 ] وقوله : لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون [ 3 \ 88 ] وقوله : ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور [ 35 \ 36 ] وقوله تعالى : كلما خبت زدناهم سعيرا [ 17 \ 97 ] وقوله تعالى : كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب [ 4 \ 56 ] إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزجاج : الغرام أشد العذاب . وقال ابن زيد : الغرام الشر . وقال أبو عبيدة : الهلاك ، قاله القرطبي . وقول الأعشى :

                                                                                                                                                                                                                                      إن يعاقب يكن غراما وإن يع ط جزيلا فإنه لا يبال



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 75 ] يعني : يكن عذابه دائما لازما ، وكذلك قول بشر بن أبي حازم :

                                                                                                                                                                                                                                      ويوم النسار ويوم الجفا     ر كانا عذابا وكانا غراما



                                                                                                                                                                                                                                      وذلك هو الأظهر أيضا في قول الآخر :

                                                                                                                                                                                                                                      وما أكلة إن نلتها بغنيمة     ولا جوعة إن جعتها بغرام



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية