الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فأما قوله: وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم الآية (9) .

اختلف السلف في تأويله، فقال قوم منهم ابن عباس: هو الرجل يحضره الموت، فيقول له من يحضره: أوص لفلان ولفلان، فيأمر الموصي بالإسراف فيما يعطيه لليتامى والمساكين، وندب له أن يزيد على الثلث، وهذا كان قبل أن تكون الوصية محصورة في الثلث، فيحثه من حضره على أن يوصي بأكثر المال لأقاربه اليتامى والمساكين، فقال الله تعالى: لا تأمروه بما لا تفعلونه لو حضركم الموت.

وفيه بيان أن المستحب له إذا كان ورثته ضعفاء وهو قليل المال، أن لا يوصي بشيء، أو يوصي بأقل من الثلث، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد لما رده إلى الثلث فقال:

"والثلث كثير"
الحديث.

فأبان له أن استغناء الورثة بفضلها، أولى من استغناء غيرهم.

[ ص: 336 ] وقال مقسم، معناه ضد ذلك، وهو أن يقول الرجل للذي حضره الموت: أمسك عليك مالك، ولو كانوا ذوي قرابته لأحب أن يوصي لهم.

فتأوله الأولون على نهي الحاضرين عن الحث على الوصية، وتأوله مقسم على نهي من يأمره بتركها.

وقال الحسن: هو الرجل يكون عند الميت فيقول: أوص بأكثر من الثلث من مالك، وهو الأوجه، إلا أن يكون ذلك في وقت كانت الوصية بأكثر من الثلث لازما، فأما إذا توقفت على إجازة الورثة، فلا نهي عليه.

وعن ابن عباس رواية أخرى، أنه في ولاية مال اليتيم وحفظه والاحتياط في التصرف فيه، وهذه المعاني بجملتها يجوز أن تكون معنية بالآية، إذ لا تناقض فيها، ويجمعها مراعاة المصلحة للورثة واليتامى والموصى..

التالي السابق


الخدمات العلمية