الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 355 ] وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا

                                                                                                                                                                                                قرئ : "الريح " . و "الرياح نشرا " : إحياء . ونشرا : جمع نشور ، وهي المحيية . ونشرا : تخفيف نشر ، وبشرا تخفيف بشر : جمع بشور وبشرى . و بين يدي رحمته استعارة مليحة ، أي : قدام المطر "طهورا" بليغا في طهارته . وعن أحمد بن يحيى هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره ، فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا . ويعضده قوله تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به [الأنفال : 11 ] ، وإلا فليس "فعول" من التفعيل في شيء . والطهور على وجهين في العربية : صفة ، واسم غير صفة ؛ فالصفة قولك : ماء طهور ، كقولك : طاهر ، والاسم قولك لما يتطهر به : طهور ، كالوضوء والوقود ، لما يتوضأ به وتوقد به النار . وقولهم : تطهرت طهورا حسنا ، كقولك : وضوء حسنا ، ذكره سيبويه . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : "لا صلاة إلا بطهور " ، أي طهارة . فإن [ ص: 356 ] قلت : ما الذي يزيل عن الماء اسم الطهور ؟ قلت : تيقن مخالطة النجاسة أو غلبتها على [ ص: 357 ] الظن ، تغير أحد أوصافه الثلاثة أو لم يتغير . أو استعماله في البدن لأداء عبادة عند أبي [ ص: 358 ] حنيفة وعند مالك بن أنس -رضي الله عنهما - : ما لم يتغير أحد أوصافه فهو طهور . فإن [ ص: 359 ] قلت : فما تقول في قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن بئر بضاعة فقال : "الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه" ؟ قلت : قال الواقدي : كان بئر بضاعة طريقا للماء إلى البساتين .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية