الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا

                                                                                                                                                                                                يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ولو شئنا لخففنا عنك أعباء نذارة جميع القرى . و لبعثنا في كل قرية نبيا ينذرها . وإنما قصرنا الأمر عليك وعظمناك به ، وأجللناك وفضلناك على سائر الرسل ، فقابل ذلك بالتشدد والتصبر فلا تطع الكافرين فيما يريدونك عليه ، وإنما أراد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم . والضمير للقرآن أو لترك الطاعة الذي يدل عليه : فلا تطع والمراد : أن الكفار يجدون ويجتهدون في توهين أمرك ، فقابلهم من جدك واجتهادك وعضك على نواجذك بما تغلبهم به وتعلوهم ، وجعله جهادا كبيرا لما يحتمل فيه من المشاق العظام . ويجوز أن يرجع الضمير في " به" إلى ما دل عليه : ولو [ ص: 363 ] شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا من كونه نذير كافة القرى ، لأنه لو بعث في كل قرية نذيرا لوجبت على كل نذير مجاهدة قريته ، فاجتمعت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك المجاهدات كلها ، فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم ، فقال له "وجاهدهم" بسبب كونك نذير كافة القرى جهادا كبيرا جامعا لكل مجاهدة .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية