الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 290 ] القول في تأويل قوله ( وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل لهؤلاء المشركين الذين يكذبونك : " الله شهيد بيني وبينكم " " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به " عقابه ، وأنذر به من بلغه من سائر الناس غيركم إن لم ينته إلى العمل بما فيه ، وتحليل حلاله وتحريم حرامه ، والإيمان بجميعه نزول نقمة الله به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

13118 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " ذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : يا أيها الناس ، بلغوا ولو آية من كتاب الله ، فإنه من بلغه آية من كتاب الله ، فقد بلغه أمر الله ، أخذه أو تركه .

13119 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " لأنذركم به ومن بلغ " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : بلغوا عن الله ، فمن بلغه آية من كتاب الله ، فقد بلغه أمر الله .

13120 - حدثنا هناد قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي [ ص: 291 ] عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي : " لأنذركم به ومن بلغ " قال : من بلغه القرآن ، فكأنما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - . ثم قرأ : " ومن بلغ أئنكم لتشهدون " .

13121 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن حسن بن صالح قال : سألت ليثا : هل بقي أحد لم تبلغه الدعوة ؟ قال : كان مجاهد يقول : حيثما يأتي القرآن فهو داع ، وهو نذير . ثم قرأ : " لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون " .

13122 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " ومن بلغ " من أسلم من العجم وغيرهم .

13123 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

13124 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا خالد بن يزيد قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب في قوله : " لأنذركم به ومن بلغ " قال : من بلغه القرآن ، فقد أبلغه محمد - صلى الله عليه وسلم - .

13125 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به " يعني أهل مكة " ومن بلغ " يعني : ومن بلغه هذا القرآن ، فهو له نذير .

13126 - حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : سمعت سفيان الثوري يحدث - لا أعلمه إلا عن مجاهد - : أنه قال في قوله : " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به : " العرب " ومن بلغ : " العجم .

13127 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : [ ص: 292 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : " لأنذركم به ومن بلغ " أما " من بلغ " فمن بلغه القرآن فهو له نذير .

13128 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " قال يقول : من بلغه القرآن فأنا نذيره . وقرأ : يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا [ سورة الأعراف : 158 ] . قال : فمن بلغه القرآن فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نذيره .

قال أبو جعفر : فمعنى هذا الكلام : لأنذركم بالقرآن - أيها المشركون - وأنذر من بلغه القرآن من الناس كلهم .

ف " من " في موضع نصب بوقوع " أنذر " عليه " وبلغ " في صلته ، وأسقطت " الهاء " العائدة على " من " في قوله : " بلغ " لاستعمال العرب ذلك في صلات " من " و " ما " و " الذي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية