الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1965 - مسألة : ولا تجوز الكتابة على مجهول العدد ، ولا على مجهول الصفة ، ولا بما لا يحل ملكه ، كالخمر والخنزير وغير ذلك . ولا يصح بشيء من ذلك عتق أصلا ، ولا بكتابة فاسدة - وهو قول أبي سليمان وأصحابنا ; لأن كل ذلك غرر محرم ، وقال الله تعالى : { إن الله لا يصلح عمل المفسدين } وقال رسول الله { : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل } وبالضرورة يدري كل ذي تمييز صحيح أن ما عقدا لا صحة له إلا بصحة ما لا صحة له فلا صحة له . وقال الشافعي : الكتابة الفاسدة تفسخ ما لم يؤدها فإذا أداها عتق . قال أبو محمد : هذا عين الفساد ولا يجوز أن يصح الباطل بتمامه ، وقد قال تعالى : { ليحق الحق ويبطل الباطل } . [ ص: 249 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { : ليس لعرق ظالم حق } . وقال مالك : إذا عقدت الكتابة بشرط فاسد بطل الشرط وصحت الكتابة . قال علي : هذا غاية الخطأ ، لأنه يلزمهما عقدا لم يلتزماه قط ، ولا أمر الله تعالى بإلزامهما إياه ، وإنما تراضيا الكتابة بهذا الشرط ، وإلا فلا كتابة بينهما ، فإما أن يصح شرطهما فتصح كتابتهما ، وإما أن يبطل الشرط فلا كتابة هاهنا أصلا . وقال أبو حنيفة : من كاتب على ثوب غير موصوف أو على حكمه ، أو على ميتة ، أو على ما لا يعرف له مقدار ، فهي كتابة باطل ، ولا عتق له وإن أدى ، وإن كاتب على خمر محدودة ، أو على خنزير موصوف ، فإن أدى ذلك عتق ، وعليه قيمته لمولاه . قال علي : ما سمع بأنتن من هذا التقسيم ، ولا بأفسد منه ، وهم يقولون : من باع سلعة بثمن إلا أنهما لم يسميا ذلك الثمن ولا عرفاه ، فهو بيع فاسد ، وإن قبض المشتري السلعة وهي معه وأعتقه - جاز عتقه . وكانت حجتهم هاهنا أقبح من قولهم ; لأنهم قالوا : العقود على الخمر والخنزير جائزة بين أهل الذمة ، فلقد أنزلوا أنفسهم حيث لم ينزلهم من الائتساء بأهل الذمة الكفار ، وما جعل الله تعالى قط أهل الكفر أسوة ، ولا قدوة ، وإن في هذه لدلائل سوء نعوذ بالله من الخذلان ، فكيف وما أحل ذلك بين أهل الذمة مذ بعث محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما نعلم لهم في هذه الأقوال سلفا ولا لهم فيها متعلق بشيء ؟

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية