الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2727 [ ص: 387 ] باب في المطلقة تخرج لجداد نخلها

                                                                                                                              وقال النووي : (باب: جواز خروج المعتدة البائن، والمتوفى عنها زوجها: في النهار، لحاجتها)

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 108 جـ 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [قال ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: طلقت خالتي، فأرادت أن تجد نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " بلى فجدي نخلك، فإنك عسى أن تصدقي، أو تفعلي معروفا "].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما، (قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها) أي: تقطع نخلا لها.

                                                                                                                              (فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم فقال: "بلى. فجدي نخلك. فإنك عسى أن تصدقي، أو تفعلي معروفا") .

                                                                                                                              [ ص: 388 ] هذا الحديث: دليل لخروج المعتدة البائن للحاجة. ومذهب مالك، والثوري، والليث، والشافعي، وأحمد، وآخرين:

                                                                                                                              جواز خروجها في النهار للحاجة.

                                                                                                                              وكذلك عند هؤلاء: يجوز لها الخروج في عدة الوفاة.

                                                                                                                              ووافقهم أبو حنيفة في عدة الوفاة. وقال في البائن: لا تخرج ليلا، ولا نهارا.

                                                                                                                              قاله النووي .

                                                                                                                              وأما المطلقة الرجعية، فينبغي لها في أيام العدة الرجعية: أن لا تخرج إلا بإذن زوجها. لأنه إذا كان عازما على رجعتها: لحقه من الغضاضة والغيرة ما يلحقه عليها قبل طلاقها. إلا أن يكون الخروج للحاجة، فقد ثبت تجويز ذلك للمطلقة ثلاثا مع عدم تجويز الرجعة، كما في حديث الباب.

                                                                                                                              وهذا الحديث: رواه أيضا أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والنسائي، بألفاظ.

                                                                                                                              قال في النيل: ظاهر إذنه صلى الله عليه وآله وسلم لها بالخروج لجد النخل: يدل على أنه يجوز لها الخروج لتلك الحاجة، ولما يشابهها بالقياس.

                                                                                                                              وقد ذهب إلى ذلك: علي، وأبو حنيفة.

                                                                                                                              [ ص: 389 ] ويدل على اعتبار الغرض الديني أو الدنيوي: تعليله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك: بالصدقة أو فعل الخير.

                                                                                                                              ولا معارضة بين هذا الحديث، وبين قوله تعالى: { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن.... } الآية. بل الحديث مخصص لذلك العموم، المشعور به من النهي.

                                                                                                                              فلا يجوز الخروج - إلا للحاجة - لغرض من الأغراض.

                                                                                                                              قال: وذهب الثوري، والليث، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم: إلى أنه يجوز لها الخروج في النهار مطلقا. وتمسكوا بظاهر الحديث. وليس فيه ما يدل على اعتبار الحاجة. وغايته: اعتبار أن يكون الخروج لقربة من القرب. كما يدل على ذلك آخر الحديث.

                                                                                                                              ومما يؤيد مطلق الجواز في النهار: القياس على المتوفى عنها زوجها.

                                                                                                                              انتهى.

                                                                                                                              قال النووي : وفيه استحباب الصدقة من التمر عند جداده، والهدية. واستحباب التعريض لصاحب التمر: بفعل ذلك، وتذكير المعروف والبر. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية