الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون . فأرسل فرعون في المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون . وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون . فأخرجناهم [ ص: 125 ] من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم . كذلك وأورثناها بني إسرائيل

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنكم متبعون أي : يتبعكم فرعون وقومه .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن هؤلاء المعنى : وقال فرعون إن هؤلاء ، يعني بني إسرائيل لشرذمة قال ابن قتيبة : أي : طائفة . قال الزجاج : والشرذمة في كلام العرب : القليل . قال المفسرون : وكانوا ستمائة ألف ، وإنما استقلهم بالإضافة إلى جنده وكان جنده لا يحصى .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإنهم لنا لغائظون تقول : غاظني الشيء ، إذا أغضبك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن جرير : وذكر أن غيظهم كان لقتل الملائكة من قتلت من أبكارهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : ويحتمل أن غيظهم لذهابهم بالعواري التي استعاروها من حليهم ، ويحتمل أن يكون لفراقهم إياهم وخروجهم من أرضهم على كره منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإنا لجميع حاذرون قرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو : " حذرون " بغير ألف . وقرأ الباقون : " حاذرون " بألف . وهل بينهما فرق؟ فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : أن الحاذر : المستعد ، والحذر : المتيقظ . وجاء في التفسير أن معنى حاذرين : مؤدون ، أي : ذوو أداة ، وهي السلاح ، لأنها أداة الحرب .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أنهما لغتان معناهما واحد ; قال أبو عبيدة : يقال : رجل حذر وحذر وحاذر . والمقام الكريم : المنزل الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله : كذلك قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : كذلك أفعل بمن عصاني ، قاله ابن السائب . والثاني : الأمر كذلك أي : كما وصفنا ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 126 ] قوله تعالى: وأورثناها بني إسرائيل وذلك أن الله تعالى ردهم إلى مصر بعد غرق فرعون ، وأعطاهم ما كان لفرعون وقومه من المساكن والأموال .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن جرير الطبري : إنما جعل ديار آل فرعون ملكا لبني إسرائيل ولم يرددهم إليها لكنه جعل مساكنهم الشام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية