الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة

فمن الحوادث فيها:


[ما] قد ذكرنا أن معز الدولة [أبو الحسين] بن بويه حصر المطيع [لله] ، ووكل به ، وأن ناصر الدولة أبو محمد بن حمدان جاء إلى بغداد يخاصم عن الخليفة ، فدخل إلى بغداد ، وحارب معز الدولة ، فعبر معز الدولة إلى الجانب الشرقي ، فملكه في أول يوم من المحرم ، فانهزم ناصر الدولة ، ونهب الديلم باب الطاق وسوق يحيى ، وقتل من العامة جماعة ، وخرج نساء وصبيان من بغداد هاربين في طريق عكبرا ، لأنه وقع للناس أن الديلم إذا ملكوا الجانب الشرقي وضعوا السيف تشفيا من العوام ، لأنهم كانوا يشتمون معز الدولة والديالمة شتما مسرفا واستعمل معز الدولة الحلم ، ومنع من القتل ، إلا من هرب من الرجال والنساء والصبيان ، وتلف في طريق عكبرا من الحر والعطش خلق كثير ، لأنهم خرجوا مشاة حفاة .

أنبأنا محمد بن عبد الباقي البزاز ، أنبأنا علي بن المحسن التنوخي ، عن أبيه قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف قال: لما دخل الديلم من الجانب الغربي

[ ص: 54 ]

إلى [الجانب] الشرقي ، وخاف الناس السيف فهربوا على وجوههم ، وكانت [المرأة] العذراء والمخدرة المترفة من ذوات النعم ، والصبية ، والأطفال ، والعجائز ، وسائر الناس يخرجون على وجوههم يتعادون يريدون الصحراء ، وكان ذلك اليوم حارا فلا يطيقون المشي . قال أبو محمد الصلحي: انهزمنا يومئذ مع ناصر الدولة نريد الموصل من بين يدي معز الدولة ، وقد عبر من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي ، فرأيت ما لا أحصي من أهل بغداد قد تلفوا بالحر والعطش ، ونحن نركض هاربين فما شبهته إلا بيوم القيامة . قال: فأخبرني جماعة أنهم شاهدوا امرأة لم ير مثلها في حسن الثياب والحلي وهي تصيح: أنا [فلانة] ابنة فلان ، ومعي جوهر وحلي بألف دينار ، ورحم الله من أخذه مني وسقاني شربة ماء ، فما يلتفت إليها أحد حتى خرت ميتة ، وبقيت متكشفة والثياب عليها والحلي وما يعرض له أحد .

ولما استقر معز الدولة ببغداد استحلف المطيع لله أنه لا يبغيه سوءا ، ولا يمالي عليه عدوا ، ثم أزال عنه التوكيل ، وأعاده إلى داره ، وورد الخبر بدخول [الأمير] ركن الدولة أبي علي الحسن بن بويه الري وملك الجبل بأسره .

وفي أول رجب: صرف القاضي محمد بن الحسن بن أبي الشوارب عن القضاء بالجانب الغربي من بغداد ، وتقلد أبو الحسن محمد بن صالح ابن أم شيبان مضافا لما [كان] إليه من قضاء الجانب الشرقي .

وفي رمضان: وقع بقطربل برد كبار [في] كل بردة أوقيتان وأكثر ، فطحن [ ص: 55 ] الغلات وكان ذلك في سابع عشر نيسان .

التالي السابق


الخدمات العلمية