الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 158 ] 174 - باب بيان مشكل مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلعنه الواصلة والمستوصلة

1128 - حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن أبي قيس ، عن الهزيل بن شرحبيل ، عن عبد الله بن مسعود قال : لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والموصولة .

1129 - حدثنا محمد بن عزيز الأيلي قال : حدثنا سلامة بن روح ، عن عقيل قال : حدثني أبان بن صالح أن الحسن بن مسلم حدثه أن صفية ابنة شيبة بن عثمان حدثته أن امرأة سألت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن وصل المرأة رأسها بالشعر ، فقالت عائشة : رحمة الله على نساء المهاجرات والأنصار ! ما [ ص: 159 ] كان أشد تفقههن في دينهن ، وأحرصهن على آخرتهن . لما نزلت هذه الآية : وليضربن بخمرهن على جيوبهن - عمدن إلى أكنف مروطهن ، فشققن منها خمرا ، ثم أبت عائشة أن تحدثها عما سألتها عنه .

ثم قالت عائشة رضي الله عنها : أتت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إني أنكحت ابنتي رجلا ، وإنها اشتكت ، فتمرق شعرها وقد أراد زوجها أن يجمعها إليه ، أفأضع على رأسها شيئا أجملها به ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لعن الله الواصلة والمستوصلة
.

[ ص: 160 ]

1130 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة ابنة المنذر ، عن أسماء ابنة أبي بكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن الواصلة والمستوصلة .

[ ص: 161 ]

1131 - حدثنا يونس قال : حدثنا ابن وهب قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن سالم ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة ابنة المنذر ، عن أسماء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله .

1132 - حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا الوهبي قال : حدثنا ابن إسحاق ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن جدتها أسماء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله .

[ ص: 162 ]

1133 - حدثنا علي بن عبد الرحمن قال : حدثنا يحيى بن معين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول : زجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصل المرأة برأسها شيئا .

قال أبو جعفر : ثم وجدنا أهل العلم جميعا بعد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيحون صلة الشعر بغير الشعر من الصوف ، ومما أشبهه ، ويروون في ذلك ، عن من تقدمهم ما .

حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا يوسف بن عدي الكوفي قال : حدثنا شريك بن عبد الله النخعي ، عن جابر وهو الجعفي ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس قال : لا بأس أن تصل المرأة شعرها بالصوف .

[ ص: 163 ] وما حدثنا هارون بن كامل قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن بكير ، عن أمه أنها دخلت على عائشة وهي عروس ، ومعها ماشطتها فقالت عائشة : أشعرها هذا ؟ فقالت الماشطة : شعرها وغيره ، وصلته بصوف . قالت أم بكير : فلم أسمعها تنكر ذلك . قال بكير : وإنما يكره أن يوصل بالشعر .

قال أبو جعفر : وعائشة أحد من روينا عنها في هذا الباب لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواصلة والمستوصلة ، فلم يكن يخرج من ذلك إلا ما قد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرده بلعنه ذلك ، أو أنه أراده ثم أخرجه منه ، ولم يكن أهل العلم المأمونون على نقله يخرجون من حديث قد رووه محتملا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا يوجب ظاهره دخوله فيه إلا بعد علمهم بخروجه منه ، ولولا ذلك لسقط عدلهم ، وكان في سقوط عدلهم سقوط روايتهم . وحاش لله عز وجل أن يكونوا كذلك ، والله نستوفق ونسأله السداد .

[ ص: 164 ] [ ص: 165 ] [ ص: 166 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية