الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار ؛ واختلف في تفسير خواره؛ فقيل: إنه كان يخور كما يخور الثور من الحيوان؛ فإذا خار سجدوا له؛ وإذا عاد الخوار رفعوا من السجود؛ وقال بعضهم: إنما خار خورة واحدة؛ ودليله: أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ؛ وقال مجاهد : خواره حفيف الريح؛ إذا دخلت جوفه.

                                                                                                                                                                                                                                        ويروى أن هارون - عليه السلام - مر بالسامري وهو يصنع العجل؛ فقال له: "ما تصنع؟"؛ قال: أصنع ما لا ينفع؛ ولا يضر؛ وقال: ادع؛ فقال هارون : "اللهم أعطه ما يسأل كما يحب"؛ فسأل الله - عز وجل - أن يجعل للعجل خوارا.

                                                                                                                                                                                                                                        والذي قاله مجاهد - من أن خواره حفيف الريح فيه - أسرع إلى القبول؛ لأنه شيء ممكن؛ والتفسير الآخر - وهو أنه خوار ممكن في محنة الله - عز وجل - أن امتحن القوم بذلك؛ وليس في خوار صفر ما يوجب عبادته؛ لأنهم قد رأوه معمولا؛ مصنوعا؛ فعبادتهم إياه؛ لو خار؛ وتكلم؛ كما يتكلم الآدمي؛ لم تجب به عبادته؛ فقالوا هذا إلهكم وإله موسى فنسي

                                                                                                                                                                                                                                        قيل: إن السامري نسي ما كان عليه من الإيمان؛ لأنه نافق لما عبر [ ص: 373 ] البحر؛ المعنى: "فترك ما كان عليه من الإيمان"؛ وقيل: إن السامري قال لهم: إن موسى - عليه السلام - أراد هذا العجل؛ فنسي؛ وترك الطريق الذي يصل إليه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية