الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ حشش ]

                                                          حشش : الحشيش : يابس الكلأ ، زاد الأزهري : ولا يقال وهو رطب حشيش ، واحدته حشيشة والطاقة منه حشيشة ، والفعل الاحتشاش . وأحش الكلأ : أمكن أن يجمع ولا يقال أجز . وأحشت الأرض : كثر حشيشها أو صار فيها حشيش . والعشب : جنس للخلى والحشيش فالخلى رطبه ، والحشيش يابسه ; قال ابن سيده : هذا قول جمهور أهل اللغة ، وقال بعضهم : الحشيش أخضر الكلأ ويابسه ; قال : وهذا ليس بصحيح لأن موضوع هذه الكلمة في اللغة اليبس والتقبض . الأزهري : العرب إذا أطلقوا اسم الحشيش عنوا به الخلى خاصة ، وهو أجود علف يصلح الخيل عليه ، وهي من خير مراعي النعم ، وهو عروة في الجدب وعقدة في الأزمات ، إلا أنه إذا حالت عليه السنة تغير لونه واسود بعد صفرته ، واحتوته النعم والخيل إلا أن تمحل السنة ولا تنبت البقل ، وإذا بدا القوم في آخر الخريف قبل وقوع ربيع بالأرض فظعنوا منتجعين لم ينزلوا بلدا إلا ما فيه خلى ، فإذا وقع ربيع بالأرض وأبقلت الرياض أغنتهم عن الخلى والصليان . وقال ابن شميل : البقل أجمع رطبا ويابسا حشيش وعلف وخلى . ويقال : هذه لمعة قد أحشت أي أمكنت ، لأن تحش وذلك إذا يبست ، واللمعة من الخلى ، وهو الموضع الذي يكثر فيه الخلى ، ولا يقال له لمعة حتى يصفر أو يبيض ; قال الأزهري : وهذا كلام كله عربي صحيح . والمحش والمحشة : الأرض الكثيرة الحشيش . وهذا محش صدق : للبلد الذي يكثر فيه الحشيش . وفلان بمحش صدق أي بموضع كثير الحشيش ، وقد يقال ذلك لمن أصاب أي خير كان مثلا به ، يقال : إنك بمحش صدق فلا تبرحه أي بموضع كثير الخير . وحش الحشيش يحشه حشا واحتشه ، كلاهما : جمعه . وحششت الحشيش : قطعته ، واحتششته طلبته وجمعته . وفي الحديث : أن رجلا من أسلم كان في غنيمة له يحش عليها وقالوا : إنما هو يهش ، بالهاء ، أي يضرب أغصان الشجر حتى ينتثر ورقها من قوله تعالى : وأهش بها على غنمي وقيل : إن يحش ويهش بمعنى ، وهو محمول على ظاهره من الحش قطع الحشيش . يقال : حشه واحتشه وحش على دابته إذا قطع لها الحشيش . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أنه رأى رجلا يحتش في الحرم فزبره ; قال ابن الأثير : أي يأخذ الحشيش ، وهو اليابس من الكلأ . والحشاش : الذين يحتشون . والمحش والمحش : منجل ساذج يحش به الحشيش ، والفتح أجود ، وهما أيضا الشيء الذي يجعل فيه الحشيش . وقال أبو عبيد : المحش ما حش به ، والمحش الذي يجعل فيه الحشيش ، وقد تكسر ميمه أيضا . والحشاش خاصة : ما يوضع فيه الحشيش ، وجمعه أحشة . وفي حديث أبي السليل : قال جاءت ابنة أبي ذر عليها محش صوف ; أي كساء خشن خلق ، وهو من المحش والمحش ، بالفتح والكسر ، الكساء الذي يوضع فيه الحشيش . [ ص: 130 ] وحششت فرسي : ألقيت له حشيشا . وحش الدابة يحشها حشا : علفها الحشيش . قال الأزهري : وسمعت العرب تقول للرجل : حش فرسك . وفي المثل : أحشك وتروثني ، يعني فرسه ، يضرب مثلا لكل من اصطنع عنده معروف فكافأه بضده أو لم يشكره ولا نفعه . وقال الأزهري : يضرب مثلا لمن يسيء إليك وأنت تحسن إليه . قال الجوهري : ولو قيل بالسين لم يبعد ، ومعنى أحشك أفأحش لك ، ويكون أحشك أعلفك الحشيش ، وأحشه : أعانه على جمع الحشيش . وحشت اليد وأحشت وهي محش : يبست ، وأكثر ذلك في الشلل . وحكي عن يونس : حشت ، على صيغة ما لم يسم فاعله ، وأحشها الله . الأزهري : حشت يده تحش إذا دقت وصغرت ، واستحشت مثله . وحش الولد في بطن أمه يحش حشا وأحش واستحش : جووز به وقت الولادة فيبس في البطن ، وبعضهم يقول : حش ، بضم الحاء . وأحشت المرأة والناقة وهي محش : حش ولدها في رحمها ; أي يبس ، وألقته حشا ومحشوشا وأحشوشا ; أي يابسا ، زاد الأزهري : وحشيشا إذا يبس في بطنها . وفي الحديث : أن رجلا أراد الخروج إلى تبوك فقالت له أمه أو امرأته : كيف بالودي ؟ فقال : الغزو أنمى للودي ، فما ماتت منه ودية ولا حشت ; أي يبست . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أن امرأة مات زوجها فاعتدت أربعة أشهر وعشرا ، ثم تزوجت رجلا فمكثت عنده أربعة أشهر ونصفا ثم ولدت ولدا ، فدعا عمر نساء من نساء الجاهلية فسألهن عن ذلك ، فقلن : هذه امرأة كانت حاملا من زوجها الأول ، فلما مات حش ولدها في بطنها ، فلما مسها الزوج الآخر تحرك ولدها ، قال : فألحق عمر الولد بالأول . قال أبو عبيد : حش ولدها في بطنها ; أي يبس . والحش : الولد الهالك في بطن الحاملة . وإن في بطنها لحشا ، وهو الولد الهالك تنطوي عليه وتهراق دما عليه تنطوي عليه ; أي يبقى فلم يخرج ; قال ابن مقبل :


                                                          ولقد غدوت على التجار بجسرة قلق حشوش جنينها أو حائل



                                                          قال : وإذا ألقت ولدها يابسا فهو الحشيش ، قال : ولا يخرج الحشيش من بطنها حتى يسطى عليها ، وأما اللحم فإنه يتقطع فيبول حفزا في بولها ، والعظام لا تخرج إلا بعد السطو عليها ، وقال ابن الأعرابي : حش ولد الناقة يحش حشوشا وأحشته أمه . والحشاشة : روح القلب ورمق حياة النفس ; قال :


                                                          وما المرء ، ما دامت حشاشة نفسه     بمدرك أطراف الخطوب ، ولا آل



                                                          وكل بقية حشاشة . والحشاش والحشاشة : بقية الروح في المريض . ومنه حديث زمزم : فانفلتت البقرة من جازرها بحشاشة نفسها ; أي برمق بقية الحياة والروح . وحشاشاك أن تفعل ذلك ; أي مبلغ جهدك ; عن اللحياني ، كأنه مشتق من الحشاشة . الأزهري : حشاشاك أن تفعل ذاك وغناماك وحماداك بمعنى واحد . الأزهري : الحشاشة رمق بقية من حياة ; قال الفرزدق :


                                                          إذا سمعت وطء الركاب تنفست     حشاشتها ، في غير لحم ولا دم



                                                          وأحش الشحم العظم فاستحش : أدقه فاستدق ، عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          سمنت فاستحش أكرعها     لا الني ني ولا السنام سنام



                                                          وقيل : ليس ذلك لأن العظام تدق بالشحم ولكن إذا سمنت دقت عند ذلك فيما يرى . الأزهري : والمستحشة من النوق التي دقت أوظفتها من عظمها وكثرة لحمها ، وحمشت سفلتها في رأي العين . يقال : استحشها الشحم وأحشها الشحم . وقام فلان إلى فلان فاستحشه ; أي صغر معه . وحش النار يحشها حشا : جمع إليها ما تفرق من الحطب ، وقيل : أوقدها ، وقال الأزهري : حششت النار بالحطب ، فزاد بالحطب ; قال الشاعر :


                                                          تالله لولا أن تحش الطبخ     بي الجحيم ، حين لا مستصرخ



                                                          يعني بالطبخ الملائكة الموكلين بالعذاب . وحش الحرب يحشها حشا كذلك على المثل إذا أسعرها وهيجها تشبيها بإسعار النار ; قال زهير :


                                                          يحشونها بالمشرفية والقنا     وفتيان صدق لا ضعاف ولا نكل



                                                          والمحش : ما تحرك به النار من حديد ، وكذلك المحشة ; ومنه قيل للرجل الشجاع : نعم محش الكتيبة . وفي حديث زينب بنت جحش : دخل علي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فضربني بمحشة أي قضيب ، جعلته كالعود الذي تحش به النار ; أي تحرك به ، كأنه حركها به لتفهم ما يقول لها . وفلان محش حرب : موقد نارها ومؤرثها طبن بها . وفي حديث الرؤيا : وإذا عنده نار يحشها أي يوقدها ; ومنه حديث أبي بصير : ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال ! ومنه حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما : وأطفأ ما حشت يهود ; أي ما أوقدت من نيران الفتنة والحرب . وفي حديث علي رضي الله عنه : كما أزالوكم حشا بالنصال ; أي إسعارا وتهييجا بالرمي . وحش النابل سهمه يحشه حشا إذا راشه ، وألزق به القذذ من نواحيه أو ركبها عليه ; قال :


                                                          أو كمريخ على شريانة     حشه الرامي بظهران حشر



                                                          وحش الفرس بجنبين عظيمين إذا كان مجفرا . الأزهري : البعير والفرس إذا كان مجفر الجنبين يقال : حش ظهره بجنبين واسعين ، فهو محشوش ; وقال أبو داود الإيادي يصف فرسا :


                                                          من الحارك محشوش     بجنب جرشع رحب



                                                          وحش الدابة يحشها حشا : حملها في السير ; قال :


                                                          قد حشها الليل بعصلبي     مهاجر ليس بأعرابي



                                                          قال الأزهري : قد حشها ; أي قد ضمها . ويحش الرجل الحطب ويحش النار إذا ضم الحطب عليها وأوقدها ، وكل ما قوي بشيء أو [ ص: 131 ] أعين به فقد حش به كالحادي للإبل والسلاح للحرب والحطب للنار ; قال الراعي :


                                                          هو الطرف لم تحشش مطي بمثله     ولا أنس مستوبد الدار خائف



                                                          أي لم ترم مطي بمثله ولا أعين بمثله قوم عند الاحتياج إلى المعونة . ويقال : حششت فلانا أحشه إذا أصلحت من حاله ، وحششت ماله بمال فلان أي كثرت به ; وقال الهذلي :


                                                          في المزني الذي حششت له     مال ضريك ، تلاده نكد



                                                          قال ابن الفرج : يقال ألحق الحس بالإس ، قال : وسمعت بعض بني أسد ألحق الحش بالإش ، قال : كأنه يقول ألحق الشيء بالشيء إذا جاءك شيء من ناحية فافعل به ; جاء به أبو تراب في باب الشين والسين وتعاقبهما . الليث : ويقال حش علي الصيد ; قال الأزهري : كلام العرب الصحيح حش علي الصيد بالتخفيف من حاش يحوش ، ومن قال حششت الصيد بمعنى حشته فإني لم أسمعه لغير الليث ، ولست أبعده مع ذلك من الجواز ومعناه ضم الصيد من جانبيه كما يقال حش البعير بجنبين واسعين ; أي ضم ، غير أن المعروف في الصيد الحوش . وحش الفرس يحش حشا إذا أسرع ، ومثله ألهب كأنه يتوقد في عدوه ; قال أبو دواد الإيادي يصف فرسا :


                                                          ملهب حشه كحش حريق     وسط غاب وذاك منه حضار



                                                          والحش والحش : جماعة النخل ، وقال ابن دريد : هما النخل المجتمع . والحش أيضا : البستان . وفي حديث عثمان : أنه دفن في حش كوكب وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع . والحش : المتوضأ ، سمي به لأنهم كانوا يذهبون عند قضاء الحاجة إلى البساتين ، وقيل إلى النخل المجتمع يتغوطون فيها على نحو تسميتهم الفناء عذرة ، والجمع من كل ذلك حشان وحشان وحشاشين ; الأخيرة جمع الجمع ، كله عن سيبويه . وفي الحديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، استخلى في حشان . والمحش والمحش جميعا : الحش كأنه مجتمع العذرة . والمحشة ، بالفتح : الدبر وذكره ابن الأثير في ترجمة حشن ، قال : في الحديث ذكر حشان ، وهو بضم الحاء وتشديد الشين ، أطم من آطام المدينة على طريق قبور الشهداء . وفي الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم ، نهى عن إتيان النساء في محاشهن ، وقد روي بالسين ، وفي رواية : في حشوشهن ; أي أدبارهن . وفي حديث ابن مسعود : محاش النساء عليكم حرام . قال الأزهري : كنى عن الأدبار بالمحاش كما يكنى بالحشوش عن مواضع الغائط . والحش والحش : المخرج ؛ لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين ، والجمع حشوش . وفي حديث طلحة بن عبيد الله أنه قال : أدخلوني الحش وقربوا اللج ، فوضعوه على قفي ، فبايعت وأنا مكره . وفي الحديث : إن هذه الحشوش محتضرة ، يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة . والحشاش : الجوالق ; قال :


                                                          أعيا فنطناه مناط الجر     بين حشاشي بازل جور



                                                          والحشحشة : الحركة ودخول بعض القوم في بعض . وحشحشته النار : أحرقته . وفي حديث علي وفاطمة : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلينا قطيفة فلما رأيناه تحشحشنا ، فقال : مكانكما ! التحشحش : التحرك للنهوض . وسمعت له حشحشة وخشخشة ; أي حركة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية