الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 167 ] 175 - باب بيان مشكل ما روي من قوله - صلى الله عليه وسلم - : أطت السماء وحق لها أن تئط ! ما منها موضع قدم . في أحد الحديثين المرويين في ذلك ، وفي الآخر منهما : ما منها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد

1134 - حدثنا أبو غسان مالك بن يحيى الهمداني ومحمد بن بحر بن مطر البغدادي قالا : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال : أخبرنا سعيد - وهو ابن أبي عروبة - ، عن قتادة ، عن صفوان بن محرز أن حكيم بن حزام قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه ؛ إذ قال لهم : هل تسمعون ما أسمع ؟ قالوا : ما نسمع من شيء يا رسول الله ! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني لأسمع أطيط السماء ، وما تلام أن تئط ، وما فيها موضع قدم إلا وعليه ملك إما ساجد وإما قائم .

[ ص: 168 ]

1135 - حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي قال : حدثنا إسرائيل بن يونس ، عن إبراهيم بن المهاجر ، عن مجاهد ، عن مورق العجلي ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن السماء أطت وحق لها أن تئط ! ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك ساجد ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله .

فقال قائل : وهل تعقلون أن يكون في موضع قدم أو في موضع أربع أصابع ملك ساجد أو راكع ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه أن هذا الكلام كلام عربي يفهمه المخاطبون ، ويقفون على ما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به .

[ ص: 169 ] والعرب تطلق أن يقال : فلان جالس على كذا لما نقص عنه ، وفلان جالس على كذا لما يفضل عنه . وذلك موجود في كلام الناس يقولون : فلان جالس على الحصير ، وهي مقصرة عنه ، وجلوسه في الحقيقة عليها وعلى غيرها من الأرض ومما سواها .

ويقولون : فلان جالس على الحصير الفاضلة عنه ، وكانت حقيقة ذلك أن جلوسه على بعضها لا على كلها . ولما كان ذلك كذلك كان مثله قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذين الحديثين : ما منها موضع قدم . أو : ما منها موضع أربع أصابع إلا وعليها ملك إما ساجد وإما راكع - على معنى : إلا وفيه ملك ساجد ، أو إلا وعليه ملك راكع أو ساجد - على أن كونه عليه في الحقيقة كون عليه وعلى غيره كما كان الجلوس على الحصير المقصرة على الجالس عليها جلوسا عليها وعلى ما سواها والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية