الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 350 ] القول في تأويل قوله ( والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ( 39 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : والذين كذبوا بحجج الله وأعلامه وأدلته " صم " عن سماع الحق " بكم " عن القيل به " في الظلمات " يعني : في ظلمة الكفر حائرا فيها ، يقول : هو مرتطم في ظلمات الكفر ، لا يبصر آيات الله فيعتبر بها ، ويعلم أن الذي خلقه وأنشأه فدبره وأحكم تدبيره ، وقدره أحسن تقدير ، وأعطاه القوة ، وصحح له آلة جسمه لم يخلقه عبثا ، ولم يتركه سدى ، ولم يعطه ما أعطاه من الآلات إلا لاستعمالها في طاعته وما يرضيه ، دون معصيته وما يسخطه . فهو لحيرته في ظلمات الكفر ، وتردده في غمراتها ، غافل عما الله قد أثبت له في أم الكتاب ، وما هو به فاعل يوم يحشر إليه مع سائر الأمم . ثم أخبر - تعالى ذكره - أنه المضل من يشاء إضلاله من خلقه عن الإيمان إلى الكفر ، والهادي إلى الصراط المستقيم منهم من أحب هدايته ، فموفقه بفضله وطوله للإيمان به ، وترك الكفر به وبرسله وما جاءت به أنبياؤه ، وأنه لا يهتدي من خلقه أحد إلا من سبق له في أم الكتاب السعادة ، ولا يضل منهم أحد إلا من سبق له فيها الشقاء ، وأن بيده الخير كله ، وإليه الفضل كله ، له الخلق والأمر . [ ص: 351 ]

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال قتادة :

13225 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " صم وبكم " هذا مثل الكافر ، أصم أبكم ، لا يبصر هدى ، ولا ينتفع به ، صم عن الحق في الظلمات ، لا يستطيع منها خروجا ، متسكع فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية