الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      فصل والواجب فيها أي الفطرة صاع عراقي لأنه الذي أخرج به في عهده صلى الله عليه وسلم وعبارة المبدع [ ص: 253 ] صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل القامة ، وحكمته : كفاية الصاع للفقير في أيام العيد انتهى وهو قد حان كما تقدم من البر ، أو مثل مكيله من التمر أو الزبيب قال في المبدع إجماعا .

                                                                                                                      ( ولو ) كان التمر والزبيب ( منزوعي العجم ) لعموم الخبر ( أو الشعير ) ذكره في المبدع إجماعا ( وكذا الأقط ) ويأتي بيانه ( ولو لم يكن ) الأقط ( قوته و ) لو ( لم يعدم الأربعة ) أي التمر والزبيب والبر والشعير لحديث أبي سعيد الخدري قال { كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا النبي صلى الله عليه وسلم : صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير ، أو صاعا من تمر ، أو صاعا من زبيب ، أو صاعا من أقط } متفق عليه .

                                                                                                                      ( أو ) صاعا ( من مجمع من ذلك ) أي من التمر والزبيب والبر والشعير والأقط ، فإذا جمع منها صاعا وأخرجه أجزأه ، كما لو كان خالصا من أحدها .

                                                                                                                      ( ولو لم يكن المخرج قوتا له ) أي للمخرج كالتمر بمصر فإنه ليس قوتا بها غالبا ، ويجزئ إخراجه ، لعموم ما سبق ( ولا عبرة بوزن تمر وغيره ، مما يخرجه سوى البر ) المخرج من غير البر ( صاعا بالبر ) بأن اتخذ ما يسع صاعا من جيد البر ، وأخرج به من غيره صاعا ( أجزأ لأنه أخرج الواجب عليه وإن لم يبلغ ) المخرج ( الوزن ) أي وزن الصاع ، لخفته كالشعير ( ويحتاط في الثقيل فيزيد على الوزن ) أي وزن الصاع ( شيئا يعلم أنه ) أي الثقيل ( قد بلغ صاعا ) كيلا ( ليسقط الفرض بيقين ) فيخرج من العهدة .

                                                                                                                      ( ولا يجزئ نصف صاع من بر ) لما تقدم من حديث أبي سعيد وأما ما رواه أحمد وغيره من حديث الحسن عن ابن عباس نصف صاع من بر " ففيه مقال لأن الحسن لم يسمع منه قاله ابن معين وابن المديني ( ويجزئ صاع دقيق وسويق ، ولو مع وجود الحب ) نص عليه واحتج بزيادة انفرد بها ابن عيينة من حديث أبي سعيد " أو صاعا من دقيق لابن عيينة : أن أحدا لا يذكره فيه قال : بل هو فيه رواه الدارقطني قال المجد : بل أولى بالإجزاء لأنه كفى مؤنته ، كتمر نزع نواه ( وسويق بر أو شعير : يحمص ) وعبارة المبدع : يقلى ( ثم يطحن وصاع الدقيق ) يعتبر ب ( وزن حبه ) نص عليه لتفرق الأجزاء بالطحن .

                                                                                                                      وكذا السويق ( ويجزئ دقيق بلا نخل ) كقمح بلا تنقية ( والأقط لبن جامد يجفف بالمصل ) أي بسبب المصل الذي يسيل منه ( يعمل من [ ص: 254 ] اللبن المخيض ) وقيل من لبن الإبل خاصة .

                                                                                                                      ( ولا يجزئ غير هذه الأصناف الخمسة ، مع قدرته على تحصيلها ) كالدبس والمصل ، والجبن للأخبار المتقدمة ( ولا ) إخراج ( القيمة ) لأن ذلك غير المنصوص عليه وكما تقدم في زكاة الأموال ( فإن عدم المنصوص عليه من الأصناف الخمسة أخرج ما يقوم مقامه ) من حب وتمر يقتات إذا كان مكيلا ، ( كالذرة والدخن والماش ونحوه ) كالأرز والتين والتوت اليابس لأن ذلك أشبه بالمنصوص عليه فكان أولى .

                                                                                                                      ( ولا يجزئ إخراج حب معيب ، كمسوس ومبلول وقديم ، تغير طعمه ونحوه ) لقوله تعالى { ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } ولأن السوس يأكل جوفه والبلل ينفخه ( فالمخرج لصاع منه ليس هو الواجب شرعا ) ولا خبز لأنه خرج عن الكيل والادخار وفيه شبه بإخراج القيمة وقال ابن عقيل : يجزئ ( فإن خالط المخرج ) الجيد ( ما لا يجزئ وكثر لم يجزئه ) ذلك لما تقدم ( وإن قل الذي لا يجزئ زاد بقدر ما يكون المصفى صاعا ) لأنه ليس عيبا لقلة مشقة تنقيته ( وأحب ) الإمام أحمد ( تنقية الطعام ) وحكاه عن ابن سيرين ليكون أكمل .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية