الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      باب إخراج الزكاة وما يتعلق به من حكم النقل ، والتعجيل ونحوه ( لا يجوز تأخيره ) أي تأخير إخراج زكاة المال ( عن وقت وجوبها ، مع إمكانه فيجب إخراجها على الفور ، كنذر مطلق ، وكفارة ) لقوله تعالى { وآتوا حقه يوم حصاده } والمراد : الزكاة والأمر المطلق للفور ، بدليل أن المؤخر يستحق العقاب ، ولو جاز التأخير لكان إما إلى غاية ، وهو مناف للوجوب ، وإما إلى غيرها ، ولا دليل عليه ، بل ربما يفضي إلى سقوطها إما بموته ، أو تلف المال ، فيتضرر الفقير بذلك ، فيختل المقصود من شرعها : ولأنها للفور بطلب الساعي ، فكذا بطلب الله تعالى كعين مغصوبة .

                                                                                                                      وفي المغني والشرح لو لم يكن الأمر للفور ، لقلنا به هنا .

                                                                                                                      ولأنها عبادة تتكرر ، فلم يجز تأخيرها إلى دخول وقت مثلها ، كالصلاة ( ويأتي ) حكم النذر المطلق والكفارة في الأيمان ( إلا أن يخاف ) من وجبت عليه الزكاة ( ضررا ) فيجوز له تأخيرها نص عليه ، لحديث { لا ضرر ولا ضرار } ( كرجوع ساع ) عليه إذا أخرجها هو بنفسه ، مع غيبة الساعي ( أو خوفه على نفسه أو ماله ونحوه ) لما في ذلك من الضرر ، وإذا جاز تأخير دين الآدمي لذلك ، فهي أولى ( أو كان ) المالك ( فقيرا محتاجا إلى زكاته تختل كفايته ومعيشته بإخراجها ) نص عليه ( وتؤخذ منه ) الزكاة ( عند يساره ) لما مضى ، لزوال العارض ( أو أخرها ) أي الزكاة ( ليعطيها لمن حاجته أشد ) من غيره ( أو ) ليعطيها لقريب أو جار نقله يعقوب فيمن حاجته أشد ، وقيده جماعة [ ص: 256 ] بالزمن اليسير للحاجة ، وإلا لم يجز ترك واجب لمندوب .

                                                                                                                      وظاهر كلام جماعة : المنع قال في المبدع : وينبغي أن يقيد الكل بما إذا لم يشتد ضرر الحاضر ( أو ) أي ويجوز تأخير الزكاة ( لتعذر إخراجها من النصاب لغيبة ) المال ( ونحوها ) كالمنع من التصرف فيه لعدم الإمكان إذن ( ولو قدر على الإخراج من غيره ) أي غير المال المزكى فلا يلزمه ، لأن الأصل إخراج زكاة المال منه وجواز الإخراج من غيره رخصة فلا ينقلب تضييقا .

                                                                                                                      ( وتقدم ) ذلك ( في كتاب الزكاة ، أو ) أي ويجوز تأخيرها ( لغيبة المستحق ، أو ) غيبة ( الإمام عند خوف رجوعه ) عليه بها للضرر ( وكذا للإمام والساعي التأخير ) أي تأخير الزكاة ( عند ربها ، لعذر قحط ونحوه ) كمجاعة احتج أحمد بفعل عمر .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية