الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        994 [ ص: 178 ] ( 13 ) باب ما جاء في الغلول

                                                                                                                        950 - ذكر فيه مالك ، عن عبد الرحمن بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين صدر من حنين وهو يريد الجعرانة سأله الناس حتى دنت به ناقته من شجرة ، فتشبكت بردائه ، حتى نزعته عن ظهره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ردوا علي ردائي أتخافون ألا أقسم بينكم ما أفاء الله عليكم ؟ والذي نفسي بيده ، لو أفاء الله عليكم مثل سمر تهامة نعما ، لقسمته بينكم : ثم لا تجدوني بخيلا ، ولا جبانا ، ولا كذابا " فلما نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام في الناس ، فقال : " أدوا الخياط والمخيط . فإن الغلول عار ، ونار ، وشنار على أهله يوم القيامة " قال ، ثم تناول من [ ص: 179 ] الأرض وبرة من بعير ، أو شيئا ، ثم قال : " والذي نفسي بيده ، ما لي مما أفاء الله عليكم ، ولا مثل هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        19901 - قال أبو عمر : فروي هذا الحديث عن عمرو بن شعيب متصلا من وجوه عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19902 - من أحسنها : ما رواه حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19903 - وقد رواه ابن شهاب ، عن عمر بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - عليه السلام .

                                                                                                                        19904 - رواه ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب .

                                                                                                                        19905 - وعبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن شهاب .

                                                                                                                        19906 - إلا أن حديث عمرو بن شعيب يقتضي معاني حديث مالك كلها ، وحديث ابن شهاب يقتضي بعضها .

                                                                                                                        [ ص: 180 ] 1990 - وقد ذكرنا ذلك كله في " التمهيد " .

                                                                                                                        19908 - وفي هذا الحديث إباحة سؤال العسكر للخليفة حقوقهم في الغنيمة ليقسم بينهم ، فيصل كل واحد إلى حقه ، ويستعجل الانتفاع به .

                                                                                                                        19909 - ويحتمل أن يكونوا سألوه أن يتكلم بعد أن قسم بينهم ، لأنه كان ينفل في البدأة والرجعة .

                                                                                                                        19910 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تجدوني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا ، فكان - صلى الله عليه وسلم - أسخى خلق الله وأكثرهم جودا وسماحة .

                                                                                                                        19911 - وروى ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة ، وكان أجود ما يكون في رمضان .

                                                                                                                        [ ص: 181 ] 19912 - وقال ابن عمر : ما رأيت أجود ، ولا أمجد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19913 - وروي عنه من وجوه أنه كان يستعيذ بالله من البخل ، وكان يقول : " أي داء أدوأ من البخل " .

                                                                                                                        191914 - ومن حديث ابن المنكدر ، عن جابر ، قال : ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قط ، فقال : لا " .

                                                                                                                        19915 - وأما شجاعته ونجدته ، فقد روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه قال : ما رأيت أثبت جنانا ، ولا أجرأ قلبا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19916 - وعن ابن عمر مثله .

                                                                                                                        19917 - وأما الكذب ، فقد جعله الله صديقا نبيا ، وكفى بهذا .

                                                                                                                        [ ص: 182 ] 19918 - وفيه : جواز قسمة الغنائم في دار الحرب ؛ لأن الجعرانة كانت يومئذ من دار الحرب .

                                                                                                                        19919 - وفيها قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم حنين ، وذلك موجود في حديث جبير بن مطعم ، وجابر .

                                                                                                                        19920 - واختلف الفقهاء في قسمة الغنائم في دار الحرب .

                                                                                                                        19921 - فذهب مالك ، والشافعي ، والأوزاعي ، وأصحابهم : إلى أن الغنائم يقسمها الإمام على العسكر في دار الحرب .

                                                                                                                        19922 - قال مالك : وهم أولى بها منه .

                                                                                                                        19923 - وقال أبو حنيفة : لا تقسم الغنائم في دار الحرب .

                                                                                                                        19924 - وقال أبو يوسف : أحب إلي ألا تقسم في دار الحرب ، إلا أن يجد حمولة ، فيقسمها في دار الحرب .

                                                                                                                        19925 - قال أبو عمر : والصحيح ما قاله مالك ومن تابعه في ذلك للأثر المذكور فيه .

                                                                                                                        19926 - وفيه جواز ذم الرجل الفاضل لنفسه إذا لم يرد به إلا دفع العيب عن نفسه ، وكان صادقا في قوله .

                                                                                                                        19927 - وفيه دليل على أن الخليفة على المسلمين ، الناظر لهم ، المدير لأمورهم ، لا يجوز أن يكون كذابا ولا بخيلا ، ولا جبانا .

                                                                                                                        19928 - وقد أجمع العلماء أن الإمام يجب ألا يكون فيه هذه الخلال السوء وأن يكون أفضل أهل وقته حالا ، وأجملهم خصالا ، إن قدر على ذلك .

                                                                                                                        19929 - وقوله : " لا تجدوني بخيلا ، ولا كذابا " ؛ لأن البخيل يحتمل أن يقول الأمر ولا يفعل .

                                                                                                                        [ ص: 183 ] 19930 - يقول : " فلا تجدوني كذابا أبدا .

                                                                                                                        19931 - وقد سوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بين البخل والجبن والكذب .

                                                                                                                        19932 - وأكثر الآثار على هذا .

                                                                                                                        19933 - وفي ذلك ما يعارض حديث صفوان بن سليم : أن المؤمن يكون بخيلا وجبانا ، ولا يكون كذابا .

                                                                                                                        19934 - والكذاب عندهم : المعروف منه كثرة الكذب ، لأن فعالا لا تكون إلا للمبالغة ، وهو أكثر من كاذب .

                                                                                                                        19935 - وأجمع الحكماء على أن الكذب في السلطان أقبح منه في غيره ؛ لأنه لا يوثق من السلطان إذا كان كذوبا بوعد ولا وعيد ، وفي ذلك فساد أمره .

                                                                                                                        19936 - قال معاوية لعمرو بن العاص : " إن فساد هذا الأمر أن يعطوا على الهوى ، لا على التقى ، وأن يكونوا في الوعد والوعيد . . . . . . . " .

                                                                                                                        19937 - وفيه إباحة الغنائم للمسلمين من أموال المشركين ، وسائر الكفار .

                                                                                                                        19938 - ولم تكن مباحة لأحد قبل هذه الآية .

                                                                                                                        19939 - وهي من الخصال التي فضل بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمته من مال كل حربي .

                                                                                                                        19940 - وقد ذكرنا الآثار بذلك فيما تقدم من كتابنا هذا .

                                                                                                                        [ ص: 184 ] 19931 - وأخبرنا سعيد بن نصر ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس قبلكم ، كانت تنزل نار من السماء فتأكلها ، فلما كان يوم بدر أسرع الناس في الغنائم " فأنزل الله تعالى : لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم إلى آخر الآيتين . [ الأنفال : 68 - 69 ] .

                                                                                                                        19942 - وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : " أدوا الخائط والمخيط " .

                                                                                                                        19943 - ويروى : الخياط والمخيط ، فالخائط : واحد الخيط ، والمخيط : الإبرة .

                                                                                                                        19944 - ومن رواه الخياط ، فقد يكون الخياط : الخيوط ، ويكون الخياط المخيط ، وهي الإبرة ، ومنه قوله - عز وجل - : حتى يلج الجمل في سم الخياط [ الأعراف : 40 ] .

                                                                                                                        19945 - ولا خلاف أن الرواية : المخيط بكسر الميم .

                                                                                                                        19946 - وقال الفراء : يقال خياط ومخيط ، كما يقال لحاف وملحف [ ص: 185 ] وقناع ومقنع ، وإزار ومئزر وقرام ومقرم .

                                                                                                                        19947 - قال أبو عمر : وهذا كلام خرج على القليل ليكون ما فوقه أحرى بالدخول في معناه .

                                                                                                                        19948 - كما قال تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [ الزلزلة : 7 - 8 ] .

                                                                                                                        19949 - وفيه أن الغلول كثيره وقليله حرام ، وأنه عار وشنار ، والشنار كلمة تجمع العار والنار .

                                                                                                                        19955 - ومنهم من قال : تجمع الشين والنار .

                                                                                                                        19951 - ومعنى ذلك : منقصة في الدنيا ، وعذاب في الآخرة .

                                                                                                                        19952 - والغلول من حقوق الآدميين ، ولابد فيه من القصاص في الدنيا بالمال ، أو في الآخرة بالحسنات والسيئات .

                                                                                                                        19953 - وأما قوله : " مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فإنه أراد : " إلا الخمس ، فإن العمل فيه برأيي واجتهادي " ؛ لأن الأربعة الأخماس من الغنيمة مقسومة على أهلها ، ممن حضر القتال من رفيع أو وضيع .

                                                                                                                        19954 - وقد ذكرنا ما للعبد والأجير والمرأة والتاجر من الغنيمة في موضعه ، وذكرنا كيف قسمة الغنيمة للفارس والراجل في موضعه أيضا .

                                                                                                                        19955 - وأما الخمس ، فكان مالك لا يرى قسمته أخماسا ، وقال : حكمه حكم الفيء ، وقسمته مردودة إلى اجتهاد الإمام .

                                                                                                                        [ ص: 186 ] 19956 - وقال الشافعي : يقسم الخمس على خمسة أسهم .

                                                                                                                        19957 - وهو قول الثوري .

                                                                                                                        19958 - وقال أبو حنيفة : يقسم الخمس على ثلاثة أسهم : للفقراء والمساكين وابن السبيل ، وأسقط سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهم ذي القربى .

                                                                                                                        19959 - وقال : سقطا بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19960 - وخالفه أكثر الفقهاء في سهم ذي القربى .

                                                                                                                        19961 - وقالوا : إنه لقرابة النبي - عليه السلام - من بني هاشم ، وهم الذين تحرم عليهم الصدقة .

                                                                                                                        19962 - وهو قول مالك ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وأبي ثور .

                                                                                                                        19963 - والحجة لهم حديث ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن جبير بن مطعم ، قال : قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذي القربى لبني هاشم وبني المطلب . من الخمس ، وقال : " إننا بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد . . " . الحديث .

                                                                                                                        19964 - وليس في هذا الباب حديث مسند غيره .

                                                                                                                        [ ص: 187 ] 99965 - وقال بدخول بني المطلب مع هاشم من فقهاء الأمصار : الشافعي وأبو ثور ، وأحمد .

                                                                                                                        19966 - وأما سائر الفقهاء فيقتصرون فيه على بني هاشم .

                                                                                                                        19967 - فقد روي عن ابن عباس ومحمد ابن الحنفية أن " ذوي القربى " ، الذين عنى الله في آية الخمس بنو هاشم .

                                                                                                                        19968 - قال ابن عباس : وقد خالفنا في ذلك قومنا .

                                                                                                                        19969 - وكان عمر بن عبد العزيز يذهب إلى أن ذوي القربى بنو هاشم خاصة .

                                                                                                                        19970 - وقال بقول الشافعي في إدخال بني المطلب مع بني هاشم : مجاهد ، وقتادة وابن جريج ، ومسلم بن خالد .

                                                                                                                        19971 - والحجة لهذه الأقوال تطول ، وشرطنا الاختصار .

                                                                                                                        19972 - وذكر سنيد ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد ابن الحنفية ، قال : اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - : سهم الرسول وسهم ذي القربى ، ثم أجمعوا على أن جعلوه - بمعنى سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكراع في سبيل الله فكان ، كذلك خلافة أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما .

                                                                                                                        [ ص: 188 ] 19973 - قال : وحدثنا أبو معاوية ، عن محمد بن إسحاق ، قال : قلت لأبي جعفر : ما صنع علي - رضي الله عنه - في الخمس حين ولي ؟ قال : صنع به اتبع فيه أثر أبي بكر وعمر ؛ لأنه كان يكره أن يدعى عليه خلافهما .

                                                                                                                        19974 - قال : وحدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قال : كان آل محمد - صلى الله عليه وسلم - لا تحل لهم الصدقة ، فجعل لهم سهم ذي القربى .

                                                                                                                        19975 - قال : وحدثنا هشيم ، أخبرنا عبد الله بن حسن ، قال : لما منعنا الصدقة جعل لنا سهم ذي القربى خمس الخمس .

                                                                                                                        19976 - قال : وأخبرنا جرير ، عن موسى بن أبي عائشة ، قال : سألت يحيى بن الجزار عن سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : خمس الخمس .

                                                                                                                        19977 - قال : وحدثنا حجاج ، عن ابن جريج في قول الله - عز وجل - : فأن لله خمسه [ الأنفال : 41 ] ، قال : أربعة أخماسه لمن حضر القتال من الناس ، [ ص: 189 ] والخمس الباقي لله ، وللرسول منه خمس ، وخمس لذي القربى ، وخمس لليتامى ، والمساكين خمس ، ولابن السبيل خمس .

                                                                                                                        19978 - وقالت طائفة : ذو القربى قرابة الإمام .

                                                                                                                        19979 - وهو قول الحسن البصري .

                                                                                                                        119980 - وورد في حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : إذا أطعم طعمة فهي للخليفة بعده .

                                                                                                                        [ ص: 190 ] 19981 - وقد ذكرناه بإسناده في " التمهيد " .

                                                                                                                        19982 - وهو حديث لا تقوم بمثله حجة لضعفه .

                                                                                                                        19983 - وقلنا في معناه هناك إنها ولاية القسمة والعمل فيها باجتهاد الرأي .

                                                                                                                        19984 - وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يرى ذلك لقرابته .

                                                                                                                        19985 - وكان علي ، وابن عباس - رضي الله عنهما - يرون أن خمس الخمس لبني هاشم .

                                                                                                                        19986 - وكتب إلى ابن عباس نجدة الحروري ، يسأله عن ذلك ، فقال : كنا نرى أنه لنا فأبى ذلك علينا قومنا - يعني قريشا .

                                                                                                                        19987 - وروي عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) أنه قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يولني خمس الخمس ، فلا أنازع في ولايته ، ففعل ، فكنت إليه إلى آخر خلافة عمر ، فقلت له : إن للناس إليه حاجة ، ونحن عنه في غنى ، فاقسمه أنت فيهم يعني بني هاشم ، فلما خرجت قال لي العباس - وكان داهية - : لقد أخرجت عنا أو عن أيدينا . ولن يعود إلينا .

                                                                                                                        19988 - قال علي : فما دعيت إليه بعد .

                                                                                                                        19989 - وقال ابن عباس : دعانا عمر أن ينكح منه أيامانا ، ويخدم منه عائلنا ، ويعطينا منه ما يكفينا ، فأبينا إلا أن نعطاه كله فأبى .

                                                                                                                        [ ص: 191 ] 19990 - ولا يصح أن عليا دعي إلى ذلك في خلافته ، فأبى لئلا يؤخذ عليه خلافه الخليفتين ؛ لأنه لم تكن في مدة خلافته مغنم .

                                                                                                                        19991 - وقال الطبري : يقسم الخمس على أربعة أسهم ؛ لأن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مردود على من سمي معه في الآية ، قياسا على ما أجمعوا عليه فيمن غرم من أهل سهمان الصدقات .

                                                                                                                        19992 - واختلف العلماء في سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال ( . . . . . ) سهمه من الخمس خمسه ، والصفي أيضا مع ذلك ، ولم نجد للصفي ذكرا في حديث مالك هذا .

                                                                                                                        19993 - وهو مذكور في أحاديث كثيرة صحاح .

                                                                                                                        19994 - وقد ذكرنا أكثرها في " التمهيد " .

                                                                                                                        19995 - منها ما رواه هشام بن عروة عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كانت صفية من الصفي .

                                                                                                                        19996 - وإنما سكت ، والله أعلم - مالك عن السبي لشهرته عندهم .

                                                                                                                        19997 - وكان الصفي من يصطفيه الإمام من رأس الغنيمة فرسا ، أو أمة ، أو عبدا ، أو بعيرا على حسب حال الغنيمة .

                                                                                                                        [ ص: 192 ] 19998 - وأجمع العلماء على أن الصفي ليس لأحد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        19999 - إلا أن أبا ثور حكي عنه ما يخالف هذا الإجماع .

                                                                                                                        20000 - فقال : الآثار في الصفي ثابتة ، ولا أعلم شيئا نسخها .

                                                                                                                        20001 - قال : فيؤخذ الصفي ويجرى مجرى سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                        20002 - قال أبو عمر : قد قسم الخلفاء الراشدون بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الغنائم ، ولم يبلغنا أنهم اصطفوا من ذلك شيئا لأنفسهم غير سهامهم ، والله أعلم .

                                                                                                                        20003 - وللعلماء في سهم النبي - عليه السلام - أقوال منها :

                                                                                                                        20004 - أنه يرد إلى من سمي في الآية .

                                                                                                                        20005 - وبه قال الطبري على ما قدمنا عنه .

                                                                                                                        20006 - وقال آخرون : هو للخليفة بعده .

                                                                                                                        20007 - وقال آخرون ؛ يجعل في الخيل والعدة في سبيل الله .

                                                                                                                        20008 - وممن قال بذلك أيضا : قتادة ، وأحمد بن حنبل .

                                                                                                                        20009 - وقال الشافعي : يضع الإمام سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل أمر ينفع الإسلام وأهله من الكراع والسلاح ، وأعطى أهل البلاء من المسلمين منفعة ، وتنفل منه عند الحرب .




                                                                                                                        الخدمات العلمية