الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في " شعب الإيمان "عن عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله إليه الملك فينفح فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات؛ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد ، فوالذي لا إله إلا غيره [ ص: 420 ] إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تتغير، فإذا مضت الأربعون صارت علقة، ثم مضغة كذلك، ثم عظاما كذلك، فإذا أراد الله أن يسوي خلقه بعث إليه ملكا فيقول : أي رب، أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ أقصير أم طويل؟ أناقص أم زائد قوته؟ أجله ؟ أصحيح أم سقيم؟ فيكتب ذلك كله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في " نوادر الأصول " ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود قال : النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك الأرحام بكفه فقال : يا رب، مخلقة أم غير مخلقة، فإن قيل : غير مخلقة . لم تكن نسمة وقذفتها الرحم دما، وإن قيل : مخلقة . قال : يا رب، أذكر أم أنثى؟ أشقي أم سعيد؟ ما الأجل؟ وما الأثر؟ وما الرزق؟ وبأي أرض تموت؟ فيقال [ ص: 421 ] للنطفة : من ربك؟ فتقول : الله ، فيقال : من رازقك؟ فتقول : الله ، فيقال له : اذهب إلى أم الكتاب فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة . قال : فتخلق فتعيش في أجلها، وتأكل في رزقها، وتطأ في أثرها، حتى إذا جاء أجلها ماتت، فدفنت في ذلك المكان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن مسعود قال : إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال : يا رب مخلقة أو غير مخلقه؟ فإن قال : غير مخلقة، مجها الرحم دما، وإن قال : مخلقة، قال : يا رب، فما صفة هذه النطفة ؟ أذكر أم أنثى؟ وما رزقها؟ وما أجلها؟ أشقي أم سعيد؟ فيقال له : انطلق إلى أم الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة . فينطلق فينسخها، فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفتها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والبيهقي في ( الأسماء والصفات ) عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله تبارك وتعالى وكل بالرحم ملكا قال : أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا قضى الله تعالى خلقها قال : أي رب، شقي أو سعيد؟ ذكر أو أنثى؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، ومسلم ، والبيهقي في ( الأسماء والصفات ) عن حذيفة [ ص: 422 ] بن أسيد الغفاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول : إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي لفظ : إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال : يا رب، أذكر أم أنثى، فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك، ثم يقول : يا رب أجله؟ فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك، ثم يقول : يا رب، رزقه؟ ويقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي لفظ : يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس وأربعين ليلة فيقول : يا رب، أشقي أو سعيد؟ فيكتبان، فيقول : أي رب، أذكر أو أنثى؟ فيكتبان ، ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم وصححه ، عن ابن عباس في قوله : مخلقة وغير مخلقة قال : المخلقة ما كان حيا ، وغير المخلقة ما كان من سقطا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : العلقة الدم، والمضغة اللحم، والمخلقة التي تم خلقها : وغير مخلقة : [ ص: 423 ] السقط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة في قوله : مخلقة وغير مخلقة قال : تامة وغير تامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن أبي العالية قال : وغير مخلقة السقط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن الشعبي قال : إذا دخل في الخلق الرابع كانت نسمة مخلقة، وإذا قذفتها قبل ذلك فهي غير مخلقة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : مخلقة وغير مخلقة قال : السقط مخلوق وغير مخلوق : ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى قال : التمام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى قال : إقامته في الرحم حتى يخرج .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 424 ] وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى قال : هذا ما كان من ولد يولد تاما ليس بسقط .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : لنبين لكم قال : أنكم كنتم في بطون أمهاتكم كذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية