الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 403 ] القول في تأويل قوله ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ( 59 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ولا تسقط ورقة في الصحاري والبراري ، ولا في الأمصار والقرى ، إلا الله يعلمها " ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " يقول : ولا شيء أيضا مما هو موجود ، أو مما سيوجد ولم يوجد بعد ، إلا وهو مثبت في اللوح المحفوظ ، مكتوب ذلك فيه ، ومرسوم عدده ومبلغه ، والوقت الذي يوجد فيه ، والحال التي يفنى فيها .

ويعني بقوله : " مبين " أنه يبين عن صحة ما هو فيه ، بوجود ما رسم فيه على ما رسم .

فإن قال قائل : وما وجه إثباته في اللوح المحفوظ والكتاب المبين ، ما لا يخفى عليه ، وهو بجميعه عالم لا يخاف نسيانه ؟

قيل له : لله - تعالى ذكره - فعل ما شاء . وجائز أن يكون كان ذلك منه امتحانا منه لحفظته ، واختبارا للمتوكلين بكتابة أعمالهم ، فإنهم فيما ذكر مأمورون بكتابة أعمال العباد ، ثم بعرضها على ما أثبته الله من ذلك في اللوح المحفوظ ، حتى أثبت فيه ما أثبت كل يوم . وقيل إن ذلك معنى قوله : إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ، [ سورة الجاثية : 29 ] . وجائز أن يكون ذلك لغير ذلك ، مما هو أعلم به ، إما بحجة يحتج بها على بعض ملائكته ، وإما على بني آدم وغير ذلك ، وقد : - [ ص: 404 ]

13308 - حدثني زياد بن يحيى الحساني أبو الخطاب قال : حدثنا مالك بن سعير قال : حدثنا الأعمش ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الله بن الحارث قال : ما في الأرض من شجرة ولا كمغرز إبرة ، إلا عليها ملك موكل بها يأتي الله بعلمها : يبسها إذا يبست ، ورطوبتها إذا رطبت .

التالي السابق


الخدمات العلمية