الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                17866 باب صلاة الأسير إذا قدم ليقتل

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ، أنبأ عبد الله بن جعفر الأصبهاني ، ثنا يونس بن حبيب ، ثنا أبو داود الطيالسي ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، عن عمر بن أسيد بن جارية حليف بني زهرة ، وكان من أصحاب أبي هريرة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط علينا ، وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ، وهو جد عاصم - يعني ابن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدة بين عسفان ، ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان ، فنفروا لهم بمائة رجل رام فاتبعوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر فقالوا : هذه تمر يثرب ، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه - رضي الله عنهم - لجئوا إلى قردد - يعني فأحاط بهم القوم - فقالوا : انزلوا ، ولكم العهد ، والميثاق أن لا يقتل منكم [ ص: 146 ] أحد ، فقال عاصم : أما أنا فوالله لا أنزل في ذمة كافر اليوم ، اللهم بلغ عنا نبيك السلام ، فقاتلوهم ، فقتل منهم سبعة ، ونزل ثلاثة على العهد ، والميثاق ، فلما استمكنوا منهم حلوا أوتار قسيهم وكتفوهم ، فلما رأى ذلك منهم أحد الثلاثة قال : هو والله أول الغدر . فعالجوه ، فقتلوه ، وانطلقوا بخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، فانطلقوا بهما إلى مكة ، فباعوهما ، وذلك بعد وقعة بدر ، فاشترى بنو الحارث خبيبا ، وكان قتل الحارث يوم بدر ، قالت ابنة الحارث : فكان خبيب أسيرا عندنا ، فوالله إن رأيت أسيرا قط كان خيرا من خبيب ، والله لقد رأيته يأكل قطفا من عنب ، وما بمكة يومئذ من ثمرة ، وإن هو إلا رزق رزقه الله خبيبا قالت : فاستعار مني موسى يستحد به للقتل قالت : فأعرته إياه ، ودرج بني لي ، وأنا غافلة ، فرأيته مجلسه على صدره قالت : ففزعت فزعة عرفها خبيب ، قالت : ففطن بي ، فقال : أتحسبيني أني قاتله ؟ ما كنت لأفعله ، قالت : فلما أجمعوا على قتله قال لهم : دعوني أصلي ركعتين ، قالت : فصلى ركعتين ، فقال : لولا أن تحسبوا أن بي جزعا لزدت قال : فكان خبيب أول من سن الصلاة لمن قتل صبرا ، ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تبق منهم أحدا ، وأنشأ يقول :

                                                                                                                                                فلست أبالي حين أقتل مسلما على أي حال كان في الله مصرعي     وذلك في جنب الإله وإن يشأ
                                                                                                                                                يبارك على أوصال شلو ممزع

                                                                                                                                                قال : وبعث المشركون إلى عاصم بن ثابت ليؤتوا من لحمه بشيء ، وكان قتل رجلا من عظمائهم ، فبعث الله مثل الظلة من الدبر فحمته من رسلهم فلم يستطيعوا أن يأخذوا من لحمه شيئا .


                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية