[ ص: 323 ] النوع الحادي والعشرون : : هو المختلق المصنوع ، وشر الضعيف ، وتحرم روايته مع العلم به في أي معنى كان إلا مبينا ، ويعرف الوضع بإقرار واضعه . أو معنى إقراره ، أو قرينة في الراوي أو المروي ، فقد وضعت أحاديث يشهد بوضعها ركاكة لفظها ومعانيها . الموضوع
التالي
السابق
[ ص: 323 ] ( النوع الحادي والعشرون : : هو ) الكذب ( المختلق المصنوع ، و ) هو شر الضعيف ) ، وأقبحه ( الموضوع ) ، أي بوضعه ( في أي معنى كان ) سواء الأحكام والقصص والترغيب وغيرها ( إلا مبينا ) ، أي مقرونا ببيان وضعه ، لحديث وتحرم روايته مع العلم به مسلم : " " . من حدث عني بحديث يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين
( ويعرف ( بإقرار واضعه ) أنه وضعه ، كحديث فضائل القرآن الآتي ، اعترف بوضعه الوضع ) للحديث ميسرة .
وقال في " التاريخ الأوسط " : حدثني البخاري يحيى الأشكري ، عن علي بن جرير ، قال : سمعت عمر بن صبح ، يقول : أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد استشكل ابن دقيق العيد الحكم بالوضع بإقرار من ادعى وضعه ; لأن فيه عملا بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع .
[ ص: 324 ] قال : وهذا كاف في رده ، لكن ليس بقاطع في كونه موضوعا ، لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه .
قيل : وهذا ليس باستشكال منه إنما هو توضيح وبيان ، وهو أن الحكم بالوضع بالإقرار ليس بأمر قطعي موافق لما في نفس الأمر ; لجواز كذبه في الإقرار ، على حد ما تقدم أن المراد بالصحيح والضعيف ما هو الظاهر ، لا ما في نفس الأمر ، ونحا البلقيني في " محاسن الاصطلاح " قريبا من ذلك .
( أو معنى إقراره ) ، عبارة : وما يتنزل منزلة إقراره . ابن الصلاح
قال العراقي : كأن يحدث بحديث عن شيخ ، ويسأل عن مولده ، فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ، ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده ، فهذا لم يعترف بوضعه ، ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع ; لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عن ذلك الشيخ ، ولا يعرف إلا برواية هذا عنه .
وكذا مثل الزركشي في مختصره .
( أو قرينة في الراوي ، أو المروي ، فقد وضعت أحاديث ) طويلة ( يشهد بوضعها [ ص: 325 ] ركاكة لفظها ، ومعانيها ) .
قال : إن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه ، وظلمة كظلمة الليل تنكره . الربيع بن خثيم
وقال : الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم ، وينفر منه قلبه في الغالب . ابن الجوزي
قال البلقيني : وشاهد هذا أن إنسانا لو خدم إنسانا سنين ، وعرف ما يحب ، وما يكره ، فادعى إنسان أنه كان يكره شيئا ، يعلم ذلك أنه يحبه ، فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيبه .
وقال شيخ الإسلام : المدار في الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ ; لأن هذا الدين كله محاسن ، والركة ترجع إلى الرداءة .
قال : أما ركاكة اللفظ فقط ، فلا تدل على ذلك ، لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى ، فغير ألفاظه بغير فصيح ، ثم إن صرح بأنه من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فكاذب .
قال : ومما يدخل في قرينة حال المروي ، ما نقل عن الخطيب ، عن ، أن من جملة دلائل الوضع أن يكون مخالفا للعقل ، بحيث لا يقبل التأويل ، ويلتحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة أو يكون منافيا لدلالة الكتاب القطعية أو [ ص: 326 ] السنة المتواترة أو الإجماع القطعي ، أما المعارضة مع إمكان الجمع فلا . أبي بكر بن الطيب
ومنها ما يصرح بتكذيب رواة جميع المتواتر ، أو يكون خبرا ، عن أمر جسيم تتوفر الدواعي على نقله بمحضر الجمع ، لا ينقله منهم إلا واحد .
ومنها الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير ، أو الوعد العظيم على الفعل الحقير ، وهذا كثير في حديث القصاص ، والأخير راجع إلى الركة . قلت : ومن القرائن كون الراوي رافضيا ، والحديث في فضائل أهل البيت .
وقد أشار إلى غالب ما تقدم الزركشي في مختصره ، فقال : ويعرف بإقرار واضعه أو من حال الراوي ، كقوله : سمعت فلانا يقول ، وعلمنا وفاة المروي عنه قبل وجوده ، أو من حال المروي ; لركاكة ألفاظه حيث يمنع الرواية بالمعنى ، ومخالفته القاطع ، ولم يقبل التأويل ، أو لتضمنه لما تتوفر الدواعي على نقله ، أو لكونه أصلا في الدين ، ولم يتواتر ، كالنص الذي تزعم الرافضة أنه دل على إمامة علي ، وهل تثبت بالبينة على أنه وضعه ، يشبه أن يكون فيه التردد في أن شهادة الزور هل تثبت بالبينة مع القطع بأنه لا يعمل به . انتهى .
وفي جمع الجوامع لابن السبكي أخذا من " المحصول " ، وغيره : كل خبر أوهم باطلا ، ولم يقبل التأويل ، فمكذوب ، أو نقص منه ما يزيل الوهم ، ومن المقطوع بكذبه ما نقب عنه من الأخبار ، ولم يوجد عند أهله من صدور الرواة ، وبطون الكتب ، وكذا قال صاحب المعتمد .
[ ص: 327 ] قال العز ابن جماعة : وهذا قد ينازع في إمضائه إلى القطع ، وإنما غايته غلبة الظن .
ولهذا قال القرافي : يشترط استيعاب الاستقراء بحيث لا يبقى ديوان ولا راو إلا وكشف أمره في جميع أقطار الأرض ، وهو عسر أو متعذر .
وقد ذكر أبو حازم في مجلس الرشيد حديثا بحضرة ، فقال الزهري : لا أعرف هذا الحديث ، فقال : أحفظت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لا ، قال : فنصفه ، قال : أرجو ، قال : اجعل هذا من النصف الآخر . انتهى . الزهري
وقال : ما أحسن قول القائل : إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع . ابن الجوزي
قال : ومعنى مناقضته للأصول : أن يكون خارجا ، عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة
ومن أمثلة ما دل على وضعه قرينة في الراوي ، ما أسنده الحاكم ، عن سيف بن عمر التميمي ، قال : كنت عند سعد بن طريف ، فجاء ابنه من الكتاب يبكي ، فقال : ما لك ؟ قال : ضربني المعلم ، قال : لأخزينهم اليوم ، حدثني عكرمة ، عن ، مرفوعا : ابن عباس معلمو صبيانكم شراركم ، أقلهم رحمة لليتيم ، وأغلظهم على المساكين .
[ ص: 328 ] وقيل لمأمون بن أحمد الهروي : ألا ترى إلى ، ومن تبعه الشافعي بخراسان ، فقال : حدثنا أحمد بن عبد البر ، حدثنا عبد الله بن معدان الأزدي ، عن أنس ، مرفوعا : " يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس ، أضر على أمتي من إبليس ، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة ، هو سراج أمتي " .
وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني : إن قوما يرفعون أيديهم في الركوع ، وفي الرفع منه ، فقال : حدثنا ، ثنا المسيب بن واضح ، عن ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري أنس ، مرفوعا : من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له .
ومن المخالف للعقل ما رواه من طريق ابن الجوزي ، عن أبيه ، عن جده ، مرفوعا : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا ، وصلت عند المقام ركعتين .
وأسند من طريق محمد بن شجاع البلخي ، عن حسان بن هلال ، عن ، عن حماد بن سلمة أبي المهزم ، عن ، مرفوعا : أبي هريرة إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ، فخلق نفسه منها .
هذا لا يضعه مسلم ، بل ولا عاقل ، والمتهم به كان زائغا في دينه ، وفيه محمد بن شجاع أبو المهزم ، قال شعبة : رأيته ، لو أعطي درهما وضع خمسين حديثا .
( ويعرف ( بإقرار واضعه ) أنه وضعه ، كحديث فضائل القرآن الآتي ، اعترف بوضعه الوضع ) للحديث ميسرة .
وقال في " التاريخ الأوسط " : حدثني البخاري يحيى الأشكري ، عن علي بن جرير ، قال : سمعت عمر بن صبح ، يقول : أنا وضعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم .
وقد استشكل ابن دقيق العيد الحكم بالوضع بإقرار من ادعى وضعه ; لأن فيه عملا بقوله بعد اعترافه على نفسه بالوضع .
[ ص: 324 ] قال : وهذا كاف في رده ، لكن ليس بقاطع في كونه موضوعا ، لجواز أن يكذب في هذا الإقرار بعينه .
قيل : وهذا ليس باستشكال منه إنما هو توضيح وبيان ، وهو أن الحكم بالوضع بالإقرار ليس بأمر قطعي موافق لما في نفس الأمر ; لجواز كذبه في الإقرار ، على حد ما تقدم أن المراد بالصحيح والضعيف ما هو الظاهر ، لا ما في نفس الأمر ، ونحا البلقيني في " محاسن الاصطلاح " قريبا من ذلك .
( أو معنى إقراره ) ، عبارة : وما يتنزل منزلة إقراره . ابن الصلاح
قال العراقي : كأن يحدث بحديث عن شيخ ، ويسأل عن مولده ، فيذكر تاريخا يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ، ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده ، فهذا لم يعترف بوضعه ، ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع ; لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا عن ذلك الشيخ ، ولا يعرف إلا برواية هذا عنه .
وكذا مثل الزركشي في مختصره .
( أو قرينة في الراوي ، أو المروي ، فقد وضعت أحاديث ) طويلة ( يشهد بوضعها [ ص: 325 ] ركاكة لفظها ، ومعانيها ) .
قال : إن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه ، وظلمة كظلمة الليل تنكره . الربيع بن خثيم
وقال : الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب للعلم ، وينفر منه قلبه في الغالب . ابن الجوزي
قال البلقيني : وشاهد هذا أن إنسانا لو خدم إنسانا سنين ، وعرف ما يحب ، وما يكره ، فادعى إنسان أنه كان يكره شيئا ، يعلم ذلك أنه يحبه ، فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيبه .
وقال شيخ الإسلام : المدار في الركة على ركة المعنى ، فحيثما وجدت دل على الوضع ، وإن لم ينضم إليه ركة اللفظ ; لأن هذا الدين كله محاسن ، والركة ترجع إلى الرداءة .
قال : أما ركاكة اللفظ فقط ، فلا تدل على ذلك ، لاحتمال أن يكون رواه بالمعنى ، فغير ألفاظه بغير فصيح ، ثم إن صرح بأنه من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فكاذب .
قال : ومما يدخل في قرينة حال المروي ، ما نقل عن الخطيب ، عن ، أن من جملة دلائل الوضع أن يكون مخالفا للعقل ، بحيث لا يقبل التأويل ، ويلتحق به ما يدفعه الحس والمشاهدة أو يكون منافيا لدلالة الكتاب القطعية أو [ ص: 326 ] السنة المتواترة أو الإجماع القطعي ، أما المعارضة مع إمكان الجمع فلا . أبي بكر بن الطيب
ومنها ما يصرح بتكذيب رواة جميع المتواتر ، أو يكون خبرا ، عن أمر جسيم تتوفر الدواعي على نقله بمحضر الجمع ، لا ينقله منهم إلا واحد .
ومنها الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير ، أو الوعد العظيم على الفعل الحقير ، وهذا كثير في حديث القصاص ، والأخير راجع إلى الركة . قلت : ومن القرائن كون الراوي رافضيا ، والحديث في فضائل أهل البيت .
وقد أشار إلى غالب ما تقدم الزركشي في مختصره ، فقال : ويعرف بإقرار واضعه أو من حال الراوي ، كقوله : سمعت فلانا يقول ، وعلمنا وفاة المروي عنه قبل وجوده ، أو من حال المروي ; لركاكة ألفاظه حيث يمنع الرواية بالمعنى ، ومخالفته القاطع ، ولم يقبل التأويل ، أو لتضمنه لما تتوفر الدواعي على نقله ، أو لكونه أصلا في الدين ، ولم يتواتر ، كالنص الذي تزعم الرافضة أنه دل على إمامة علي ، وهل تثبت بالبينة على أنه وضعه ، يشبه أن يكون فيه التردد في أن شهادة الزور هل تثبت بالبينة مع القطع بأنه لا يعمل به . انتهى .
وفي جمع الجوامع لابن السبكي أخذا من " المحصول " ، وغيره : كل خبر أوهم باطلا ، ولم يقبل التأويل ، فمكذوب ، أو نقص منه ما يزيل الوهم ، ومن المقطوع بكذبه ما نقب عنه من الأخبار ، ولم يوجد عند أهله من صدور الرواة ، وبطون الكتب ، وكذا قال صاحب المعتمد .
[ ص: 327 ] قال العز ابن جماعة : وهذا قد ينازع في إمضائه إلى القطع ، وإنما غايته غلبة الظن .
ولهذا قال القرافي : يشترط استيعاب الاستقراء بحيث لا يبقى ديوان ولا راو إلا وكشف أمره في جميع أقطار الأرض ، وهو عسر أو متعذر .
وقد ذكر أبو حازم في مجلس الرشيد حديثا بحضرة ، فقال الزهري : لا أعرف هذا الحديث ، فقال : أحفظت حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : لا ، قال : فنصفه ، قال : أرجو ، قال : اجعل هذا من النصف الآخر . انتهى . الزهري
وقال : ما أحسن قول القائل : إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع . ابن الجوزي
قال : ومعنى مناقضته للأصول : أن يكون خارجا ، عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة
ومن أمثلة ما دل على وضعه قرينة في الراوي ، ما أسنده الحاكم ، عن سيف بن عمر التميمي ، قال : كنت عند سعد بن طريف ، فجاء ابنه من الكتاب يبكي ، فقال : ما لك ؟ قال : ضربني المعلم ، قال : لأخزينهم اليوم ، حدثني عكرمة ، عن ، مرفوعا : ابن عباس معلمو صبيانكم شراركم ، أقلهم رحمة لليتيم ، وأغلظهم على المساكين .
[ ص: 328 ] وقيل لمأمون بن أحمد الهروي : ألا ترى إلى ، ومن تبعه الشافعي بخراسان ، فقال : حدثنا أحمد بن عبد البر ، حدثنا عبد الله بن معدان الأزدي ، عن أنس ، مرفوعا : " يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس ، أضر على أمتي من إبليس ، ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة ، هو سراج أمتي " .
وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني : إن قوما يرفعون أيديهم في الركوع ، وفي الرفع منه ، فقال : حدثنا ، ثنا المسيب بن واضح ، عن ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن الزهري أنس ، مرفوعا : من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له .
ومن المخالف للعقل ما رواه من طريق ابن الجوزي ، عن أبيه ، عن جده ، مرفوعا : عبد الرحمن بن زيد بن أسلم إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا ، وصلت عند المقام ركعتين .
وأسند من طريق محمد بن شجاع البلخي ، عن حسان بن هلال ، عن ، عن حماد بن سلمة أبي المهزم ، عن ، مرفوعا : أبي هريرة إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ، فخلق نفسه منها .
هذا لا يضعه مسلم ، بل ولا عاقل ، والمتهم به كان زائغا في دينه ، وفيه محمد بن شجاع أبو المهزم ، قال شعبة : رأيته ، لو أعطي درهما وضع خمسين حديثا .