الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          باب إزالة النجاسة الحكمية أي الطارئة على عين طاهرة . وذكر فيه أيضا النجاسات ، وما يعفى عنه منها . وما يتعلق بذلك ( يشترط ل ) تطهير ( كل متنجس حتى أسفل خف ، و ) أسفل ( حذاء ) بالمد وكسر المهملة أوله ، أي نعل ( و ) حتى ( ذيل امرأة سبع غسلات ) لعموم حديث ابن عمر { أمرنا بغسل الأنجاس سبعا } فينصرف إلى أمره صلى الله عليه وسلم وقياسا على نجاسة الكلب والخنزير .

                                                                          وقيس أسفل الخف والحذاء على الرجل ، وذيل المرأة على بقية ثوبها ويعتبر في كل غسلة ، أن تستوعب المحل . فيجب العدد من أول غسلة ، ولو مع بقاء العين فلا يضر بقاؤها . فيجزئ ( إن أنقت ) السبع غسلات النجاسة ( وإلا ) بأن لم تنق بها ( ف ) يزيد على السبع ( حتى تنقى ) النجاسة ( بماء طهور ) أي يشترط أن تكون كل غسلة من السبع بماء طهور .

                                                                          لحديث أسماء قالت { جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة . كيف تصنع ؟ قال : تحته ، ثم تقرصه بالماء ، ثم تنضحه ، ثم تصلي فيه } " متفق عليه " ( وأمر بصب ذنوب من ماء [ ص: 103 ] فأهريق على بول الأعرابي " ولأنها طهارة مشترطة . فأشبهت طهارة الحدث .

                                                                          فإن كانت إحدى الغسلات بغير ماء طهور . لم يعتد بها ( مع حت وقرص ) لمحل النجاسة ، وهو بالصاد المهملة : الدلك بأطراف الأصابع والأظفار مع صب الماء عليه ( لحاجة ) إلى ذلك ولو في كل مرة ( إن لم يتضرر المحل ) بالحت أو القرص فيسقط .

                                                                          ( و ) مع ( عصر مع إمكان ) العصر ( فيما تشرب ) النجاسة بحسب الإمكان ، بحيث لا يخاف فساده ( كل مرة ) من السبع ( خارج الماء ) ليحصل انفصال الماء عنه ( وإلا ) يعصره خارج الماء ، بل عصره فيه ولو سبعا ( ف ) هي ( غسلة واحدة يبني عليها ) ما بقي من السبع ( أو دقه ) أي ما تشرب النجاسة ( أو تقليبه ) إن لم يكن عصره ( أو تثقيله ) كل غسلة ، حتى يذهب أكثر ما فيه من الماء ، دفعا للحرج والمشقة .

                                                                          ولا يكفي عن عصره ونحوه تجفيفه ، وما لا يتشرب يطهر بمرور الماء عليه وانفصاله عنه ( و ) يشترط ( كون إحداها ) أي السبع غسلات ( في متنجس بكلب أو ) متنجس ب ( خنزير أو متولد ) منهما أو ( من أحدهما ) أي الكلب والخنزير ( بتراب طهور ) لحديث مسلم عن أبي هريرة مرفوعا { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا أولاهن بالتراب } .

                                                                          ولا يكفي تراب نجس ولا مستعمل ( يستوعب ) أي يعم التراب ( المحل ) المتنجس . لأنه إن لم يعمه لم تكن غسلة ( إلا فيما ) أي محل ( يضره ) التراب ( فيكفي مسماه ) أي ما يسمى ترابا دفعا للضرر ( ويعتبر مائع يوصله ) أي التراب ( إليه ) أي المحل النجس ، فلا يكفي أن يذره عليه ويتبعه الماء .

                                                                          والمراد بالمائع هنا : الماء الطهور ، كما أوضحته في الحاشية عن ابن قندس ( و ) الغسلة ( الأولى ) يجعل التراب فيها ( أولى ) مما بعدها ، لموافقة لفظ الخبر . وليأتي الماء بعده فينظفه . فإن جعله في غيرها جاز . لأنه روي في حديث " إحداهن بالتراب " .

                                                                          وفي حديث " أولاهن " .

                                                                          وفي حديث " في الثامنة " فدل على أن محل التراب من الغسلات غير متعين ( ويقوم أشنان ونحوه ) كصابون ونخالة ( مقامه ) أي التراب . لأنها أبلغ منه في الإزالة .

                                                                          فنصه على التراب تنبيه عليها . ولأنه جامد أمر به في إزالة النجاسة . فألحق به ما يماثله ، كالحجر في الاستجمار ( ويضر بقاء طعم ) النجاسة لدلالته على بقاء العين ، ولسهولة إزالته . فلا يطهر المحل مع بقائه . و ( لا ) يضر ( بقاء لون أو ريح أو بقاؤهما عجزا ) عن إزالتهما ، دفعا للحرج والمشقة .

                                                                          [ ص: 104 ] ويطهر المحل ( وإن لم تزل النجاسة إلا بملح أو نحوه ) كأشنان ( مع الماء لم يجب ) استعماله معه ( ويحرم استعمال مطعوم ) كدقيق ( في إزالتها ) أي النجاسة . لأن فيه إفساد الطعام بالتنجيس ، ويجوز استعمال النخالة الخالصة ونحوها في غسل الأيدي ونحوها للتنظيف ( وما تنجس ب ) إصابة ماء ( غسلة يغسل عدد ما بقي بعدها ) أي تلك الغسلة لأنها نجاسة تطهر في محلها بما بقي من الغسلات . فطهرت به في مثله .

                                                                          فما تنجس برابعة مثلا غسل ثلاثا ، إحداهن ( بتراب طهور حيث اشترط ) التراب ، كنجاسة كلب ( ولم يستعمل ) قبل تنجس الثاني . فإن كان استعمل لم يعد ( ويغسل ) بالبناء للمجهول ( بخروج مذي ) من ذكر ( ذكر وأنثيان مرة ) لحديث علي . قيل لتبريدهما . وقيل : لتلويثهما غالبا .

                                                                          لنزوله متسببا ( و ) يغسل ( ما أصابه ) المذي من الذكر والأنثيين ، ومن سائر البدن والثياب ( سبعا ) كسائر النجاسات ( ويجزي في بول غلام ) ومثله قيئه ( لم يأكل طعاما لشهوة نضحه ، وهو غمره بماء ) وإن لم يقطر منه شيء .

                                                                          ولا يحتاج إلى مرس وعصر . لحديث أم قيس بنت محصن " أنها { أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء فنضحه ، ولم يغسله } متفق عليه . ولقوله صلى الله عليه وسلم : { إنما يغسل من بول الأنثى ، وينضح من بول الذكر } رواه أبو داود عن لبابة بنت الحارث .

                                                                          وعلم منه أنه يغسل من الغائط مطلقا وبول الأنثى والخنثى وبول صبي أكل الطعام لشهوة . فإن كان لغير شهوة نضح . لأنه قد يلعق العسل ساعة يولد . والنبي صلى الله عليه وسلم حنك بالتمر .

                                                                          ( و ) يجزئ ( في صخر وأجرنة صغار ) مبنية أو كبيرة مطلقا ، قاله في الرعاية ( وأحواض ونحوها ) كحيطان ( وأرض تنجست بمائع ولو من كلب أو خنزير : مكاثرتها بالماء ، حتى يذهب لون نجاسة وريحها ) لحديث أنس قال { جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد ، فزجره الناس . فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم . فلما قضى بوله أمر بذنوب من ماء ، فأهريق عليه } متفق عليه .

                                                                          فإن بقيا أو أحدهما لم تطهر لأنه دليل بقائها ( ما لم يعجز ) عن إذهابهما أو إذهاب أحدهما . فتطهر كغير الأرض ( ولو لم يزل ) الماء ( فيهما ) أي في مسألة المنضوح من بول الغلام ، ومسألة الأرض ونحوها . فيطهران مع بقاء الماء عليهما . لظاهر ما تقدم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية