الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1745 - مسألة : والمولودون في أرض الشرك يتوارثون كما يتوارث من ولد في أرض الإسلام بالبينة أو بإقرارهم إن لم تكن بينة - سواء أسلموا وأقروا مكانهم ، أو تحملوا ، أو سبوا فأعتقوا .

                                                                                                                                                                                          وهذا مكان اختلف الناس فيه - : فروينا عن عمر ، وعثمان : أنه لا يرث أحد بولادة الشرك .

                                                                                                                                                                                          وعن يحيى بن سعيد الأنصاري : أدركت الصالحين يذكرون : أن في السنة : أن ولادة العجم ممن ولد في أرض الشرك ثم تحمل : أن لا يتوارثوا .

                                                                                                                                                                                          وعن عمر بن عبد العزيز ، وعروة بن الزبير ، وعمرو بن عثمان بن عفان ، وأبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة ، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام : لا يورث أحد بولادة الأعاجم إلا أحد ولد في العرب .

                                                                                                                                                                                          ولا نعلم يصح عن عمر ، وعثمان : شيء من هذا ; لأنها منقطعة عن مالك عن الثقة عن سعيد بن المسيب : أن عمر . ..

                                                                                                                                                                                          ومن طريق فيها علي بن زيد بن جدعان - وهو ضعيف - وأبان بن عثمان : أن عمر - ولم يدرك أبان عمر - ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان : أن عمر ، وعثمان - وهذا أبعد - والزهري : أن عمر ، وعثمان - وما ورث عمر ولده عبد الله ، وأم المؤمنين حفصة إلا بولادة الشرك .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : كما روينا من طريق عبد الرزاق نا معمر عن سفيان الثوري عن مجالد عن الشعبي عن شريح : أن عمر بن الخطاب كتب إليه : أن لا يورث الحميل إلا ببينة .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق نا معمر : أخبرني عاصم بن سليمان قال : كتب عمر بن عبد العزيز : أن لا يتوارث الحملاء في ولادة الكفر ؟ فعاب ذلك عليه الحسن ، وابن سيرين ، وقالوا : ما شأنهم أن لا يتوارثوا إذا عوفوا وقامت البينة . [ ص: 336 ] ومن طريق حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن ابن سيرين ، والحسن ، قالا جميعا : إذا قامت البينة ورث الحميل .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق حماد بن سلمة عن الحجاج ، وحماد بن أبي سليمان ، أو أحدهما عن الشعبي ، والنخعي ، قالا جميعا : لا يورث الحميل إلا ببينة - وهو قول الثوري ، وأبي حنيفة ، وأبي سليمان ، وأصحابهما .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : يتوارث الحملاء بالبينة أو بالإقرار إن لم تكن بينة ، كما روينا من طريق محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي ، قال : قال عمر بن الخطاب : كل نسب يتواصل عليه في الإسلام فهو وارث موروث .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق غندر عن شعبة عن الحكم بن عتيبة ، وحماد بن أبي سليمان قالا جميعا : الحميل يورث .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق غندر عن شعبة عن المغيرة بن مقسم الضبي عن إبراهيم النخعي أنه قال في الحميل : إذا قامت البينة أنه كان يصل منه ما يصل من أخيه ، ويحرم منه ما يحرم من أخيه : ورثه .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة عن الأعمش قال : كان أبي حميلا فورثه مسروق - وعن عبد الرحمن بن أذينة أنه ورث حميلا بشهادة رجل وامرأة أنه كان أخاه - وبشهادة امرأة أخرى أنها سمعته يقول : هو أخي .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن إسرائيل بن يونس عن أشعث بن أبي الشعثاء : أنه قال : خاصمت إلى شريح في مولاة للحي ماتت عن مال كثير ، فجاء رجل فخاصم مواليها ، وجاء بالبينة أنها كانت تقول : أخي ؟ فورثه شريح .

                                                                                                                                                                                          وقال الشافعي : إذا قامت البينة ورث الحميل - كان عليه ولاء أو لم يكن - فإن لم يكن إلا إقرار فقط ورث به من لا ولاء عليه ، ولا يورث به من عليه ولاء .

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : لا يرث الحميل ببينة أصلا ، إلا أن يكون أهل مدينة أسلموا فشهد بعضهم لبعض بما يوجب الميراث فإنهم يتوارثون بذلك . [ ص: 337 ] قال أبو محمد : أما قول مالك ، والشافعي - فلا نعلم أحدا قبلهما قسم هذا التقسيم ، وهما قولان مخالفان للقرآن ، والسنن ، والأصول ، في إسقاط مالك الحكم ببينة العدل في ذلك ، بخلاف جميع الأحكام .

                                                                                                                                                                                          وتفريق الشافعي ، ومالك بين من عليه ولاء وبين من لا ولاء عليه ، وبين أهل المدينة يسلمون ، أو يسبون فيسلموا ، ووجدنا الإقرار بالمواليد الموجبة للمواريث : لا نعلم ألبتة صحة المواليد إلا به ، فما تصح بنوة أحد إلا بإقرار الآباء أنه ولد ، أو بإقرار أخوين يقدمان مسافرين ويجب ميراثهما .

                                                                                                                                                                                          وبهذا الإقرار يتوارث أهل الكفر إذا أسلموا عندنا من أهل الذمة ، فالتفريق بين كل ذلك لا وجه له ، وبالإقرار توارث المهاجرون في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحياء العرب وغيرهم ، فالتفريق بين ذلك خطأ لا خفاء به - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية