الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 79 ] باب

ذكر أحكام نقط المدغم

واعلم أن ما أدغم من الحروف في مثله أو مقاربه بإجماع ، أو ما أدغم في مقاربه فقط باختلاف ؛ فحكمه أن يعرى الحرف الأول من المدغم من علامة السكون ، وأن يجعل على الحرف الثاني المدغم فيه علامة التشديد . فيؤذن بذلك بالإدغام الذي بابه أن ينقلب لفظ الحرف الأول فيه إلى لفظ الحرف الثاني ، ويرتفع اللسان بهما ارتفاعة واحدة ، ويلزم موضعا واحدا .

فالمجمع عليه من الإدغام نحو قوله : فما ربحت تجارتهم ، و فقلنا اضرب بعصاك ، و ما لم تستطع عليه ، و فلا يسرف في القتل ، و قالت طائفة ، و همت طائفتان ، و فآمنت طائفة ، و أم أردتم ، و راودتن ، و ألم نخلقكم ، وشبهه .

والمختلف فيه نحو قوله : اتخذتم ، و أخذتم ، و يعذب من يشاء ، [ ص: 80 ] و قد جعل ، و قد سمع ، و " إذ زاغت " ، وشبهه .

فصل

فأما ما أجمع عليه أئمة القراءة من إدغام الطاء الساكنة في التاء ، وتبقية صوت الطاء مع الإدغام ؛ لئلا يخل بالطاء ، وذلك في نحو قوله : لئن بسطت ، و أحطت ، و فرطت ، وشبهه ؛ فحقيقة نقط ذلك أن يجعل على الطاء علامة السكون ، وعلى التاء بعدها علامة التشديد ، فيعلم بعلامة السكون أن الطاء لم تنقلب قلبا خالصا ، وأن الإطباق الذي هو صيغتها باق على حاله ، وببيانه امتنع القلب ، ويعلم بعلامة التشديد أن الطاء غير مبينة .

وفي نقط ذلك وجه آخر ، وهو : أن تعرى الطاء من علامة السكون ، وتعرى التاء من علامة التشديد ، فيجعل فيها نقطة فقط ، فيعلم أيضا بتعرية الطاء من علامة السكون أنها مدغمة في التاء ، ويعلم بتعرية التاء من علامة التشديد أن الطاء لم تنقلب إلى لفظها انقلابا صحيحا ؛ لأنها لو انقلبت إلى لفظها لذهب صوتها الذي خصت به دون التاء ، ولم يبق له أثر .

والوجه الأول أدل على اللفظ ، وهو الذي أختار . وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية