الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 194 ] 180 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السبب الذي من أجله قال عبد الله بن مسعود : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله عز وجل بقوله : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله . الآية

حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن عون بن عبد الله يعني ابن عتبة بن مسعود ، عن أبيه أن ابن مسعود قال : ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله - إلا أربع سنين .

حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وحدثنا يزيد بن سنان [ ص: 195 ] أيضا كل واحد منهما قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : أخبرنا موسى بن يعقوب الزمعي قال : حدثني أبو حازم ، عن عامر بن عبد الله بن الزبير أخبره عن أبيه أن عبد الله بن مسعود أخبره أنه قال لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية يعاتبهم الله عز وجل بها إلا أربع سنين : ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون .

قال أبو جعفر : فطلبنا السبب الذي من أجله عوتبوا بما في هذه الآية .

1157 - فوجدنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي قد حدثنا [ ص: 196 ] قال : حدثنا إسحاق بن راهويه قال : حدثنا عمرو بن محمد القرشي قال : حدثنا خلاد الصفار ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن سعد في قول الله جل وعز : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ، الآية .

قال : أنزل الله على رسوله فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ؟ فأنزل الله جل وعز : نحن نقص عليك أحسن القصص ، الآية . قال : فتلاه عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا ؟ فأنزل الله : الله نـزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني . قال : كل ذلك يؤمرون بالقرآن
.

قال خلاد : وزاد فيه آخر : قال : قالوا : يا رسول الله ، لو ذكرتنا ؟ فأنزل الله عز وجل : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله .

[ ص: 197 ] قال أبو جعفر : فكان في هذا الحديث سؤالهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القصص عليهم أي لتلين بذلك قلوبهم ، فأنزل الله عز وجل عليه : نحن نقص عليك أحسن القصص ، فأعلمهم عز وجل أنه لا حاجة بهم إلى القصص مع القرآن ؛ لأنه لا يقص عليهم أنفع لهم منه ، ثم سألوا أن يحدثهم فأنزل الله عز وجل عليه في ذلك ما أنزل عليه من أجله مما ذكر في هذا الحديث ، وكل ذلك يردهم إلى القرآن ؛ لأنهم لا يرجعون إلى شيء يجدون فيه الذي يجدون في القرآن .

وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية