الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2760 باب : منه وذكر السعاية

                                                                                                                              وهو في النووي في : (كتاب العتق) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 137 ج 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من أعتق شقصا له في عبد فخلاصه في -ماله إن كان له مال- فإن لم يكن له مال: استسعي العبد غير مشقوق عليه".].

                                                                                                                              [ ص: 529 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 529 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة "رضي الله عنه" ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : " من أعتق شقصا له ") بكسر الشين . وهو القليل من كل شيء . وقيل : هو النصيب قليلا كان أو كثيرا . ويقال : " الشقيص " أيضا . بزيادة الياء .

                                                                                                                              (في عبد) ، فخلاصه في ماله - إن كان له مال - فإن لم يكن له مال ، استسعي العبد ، غير مشقوق عليه) . أي : لا يكلف ما يشق عليه .

                                                                                                                              ومعنى "الاستسعاء " : أن العبد يكلف الاكتساب والطلب ، حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر . فإذا دفعها إليه : عتق .

                                                                                                                              هكذا ، فسره جمهور القائلين بالاستسعاء .

                                                                                                                              وقال بعضهم : هو أن يخدم سيده ، الذي لم يعتق : بقدر ماله فيه من الرق .

                                                                                                                              قال النووي : فعلى هذا ، تتفق الأحاديث .

                                                                                                                              قال : وفي هذا الحديث : أن من أعتق نصيبه ، من عبد مشترك : قوم عليه باقيه - إذا كان موسرا - : بقيمة عدل . سواء كان العبد مسلما ، أو كافرا. وسواء كان الشريك مسلما ، أو كافرا . وسواء كان العتيق عبدا ، أو أمة . [ ص: 530 ] ولا خيار للشريك في هذا ولا للعبد ، ولا للمعتق . بل ينفذ هذا الحكم ، وإن كرهه كلهم ، مراعاة لحق الله تعالى في الحرية .

                                                                                                                              قال : وأما نصيب الشريك ، فاختلفوا في حكمه إذا كان المعتق موسرا ، على ستة مذاهب . فذكرها .

                                                                                                                              والحق في ذلك : ما ذكرنا ، تحت الحديث الأول .

                                                                                                                              قال في "النيل" : والذي يظهر أن الحديثين صحيحان ، مرفوعان .

                                                                                                                              وفاقا لصاحبي الصحيح .

                                                                                                                              قال : ولا شك أن الرفع زيادة معتبرة ، لا يليق إهمالها . كما تقرر في الأصول ، وعلم الاصطلاح .

                                                                                                                              وما ذهب إليه بعض أهل الحديث ، من الإعلال بطريق الرفع : بالوقف في طريق أخرى : لا ينبغي التعويل عليه ، وليس له مستند . ولا سيما بعد الإجماع : على قبول الزيادة ، التي لم تقع منافية ، مع تعدد مجالس السماع .

                                                                                                                              فالواجب : قبول الزيادتين ، المذكورتين في حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة . وظاهرهما التعارض ، والجمع ممكن. كما قال الإسماعيلي . وقد جمع البيهقي بينهما . انتهى .

                                                                                                                              قلت : وهو يوافق الجمع المتقدم في المعنى . وهو الذي جزم به البخاري . [ ص: 531 ] قال البيهقي : ولا يبقى بعد هذا الجمع معارضة أصلا . قال الحافظ :وهو كما قال .

                                                                                                                              وجمع بعضهم : بطرق أخرى ، ذكرها في "النيل" . وأبطل حجة من أبطل السعاية . وذكر بعض مذاهب الفقهاء في ذلك . فليرجع إليه . وفيما حررناه : كفاية ومقنع .




                                                                                                                              الخدمات العلمية