الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 330 ] جماع أبواب سيرته صلى الله عليه وسلم في سيرته وخصال الفطرة

                                                                                                                                                                                                                              الباب الأول في خاتمه صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع غير ما تقدم :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : الفضة .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد والشيخان وابن سعد والبرقاني عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر ، أو إلى الروم ، ولم يختمه ، فقيل له : إن كتابك لا يقرأ إلا أن يكون مختوما ، فاتخذ خاتما من فضة فنقشه ، ونقش «محمد رسول الله » فكأني أنظر إلى بياضه في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عنه قال : اصطنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه كله من فضة ، وقال : «لا يصنع أحد على صنعته » .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والبخاري وابن سعد عنه قال : كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة منه ، زاد ابن سعد : قال زهير : فسألت حميدا عن الفص كيف هو ؟ فأخبرني أنه لا يدري كيف هو ؟ .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة نقش فيه محمد رسول الله ، فجعل فصه في بطن كفه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد من طريق عبد الله بن وهب عن أسامة بن زميل عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه لما قدم من اليمن حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها قدم وفي يده خاتم من ورق نقشه «محمد رسول الله » صلى الله عليه وسلم فقال : «ما هذا الخاتم ؟ » قال : يا رسول الله إني كنت أكتب إلى الناس ، فأفرق أن يزاد فيها ، وينقص منها ، فاتخذت خاتما أختم به قال : «وما نقشه ؟ » قال : «محمد رسول الله » صلى الله عليه وسلم ، فقال [ ص: 331 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : «آمن كل شيء من معاذ حتى خاتمه » ، ثم أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتختمه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن عساكر قال : أخبرنا أبو غالب بن البناء ، أخبرنا أبو محمد الجوهري ، أخبرنا أبو الحسن بن عساكر عن علي بن محمد بن لؤلؤ ، أخبرنا أحمد بن الوليد الأزدي ، حدثنا الهيثم بن عدي ، حدثنا يونس بن يزيد عن الزهري قال : حدثني أنس بن مالك أن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخاتم من اليمن ، من ورق فصه حبشي ، فكتب عليه «محمد رسول الله » فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم به ، ويختم به أبو بكر ، ويختم به عمر ، ويتختم به عثمان ست سنين من إمارته ، فبينا هو على بئر أريس إذ سقط من يده فترحت إليه فلم يوجد ، قلت : قوله : بعث به أقرب إلى الصواب لأن معاذا لم يقدم من اليمن إلا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن أبيه عمر رضي الله تعالى عنهما قال : اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق ، فكان في يده ثم كان في يد أبي بكر بعده ، ثم كان في يد عمر بعده ، ثم كان في يد عثمان ، حتى وقع في بئر أريس نقشه «محمد رسول الله » .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية