الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون

                                                                                                                                                                                                                                      ولقد خلقنا الإنسان أي: هذا النوع بأن خلقنا أصله، وأول فرد من أفراده خلقا بديعا منطويا على خلق سائر أفراده انطواء إجماليا، كما مر تحقيقه في سورة الأنعام. من صلصال من طين يابس غير مطبوخ يصلصل، أي: يصوت عند نقره. قيل: إذا توهمت في صوته مدا، فهو صليل. وإن توهمت فيه ترجيعا، فهو صلصلة. وقيل: هو تضعيف صل إذا أنتن. من حمإ من طين تغير، واسود بطول مجاورة الماء. وهو صفة لصلصال، أي: من صلصال كائن من حمأ. مسنون أي: مصور من سنة الوجه، وهي صورته. أو مصبوب من سن الماء صبه، أي: مفرغ على هيئة الإنسان، كما يفرغ الصور من الجواهر المذابة في القوالب. وقيل: منتن، فهو صفة لحمأ، وعلى الأولين حقه أن يكون صفة لصلصال، وإنما أخر عن حمأ تنبيها على أن ابتداء [ ص: 74 ] مسنونيته ليس في حال كونه صلصالا، بل في حال كونه حمأ. كأنه سبحانه أفرغ الحمأ، فصور من ذلك تمثال إنسان أجوف فيبس حتى إذا نقر صوت، ثم غيره إلى جوهر آخر فتبارك الله أحسن الخالقين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية