الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ( 93 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله جل ثناؤه عما تقول رسل الله التي تقبض أرواح هؤلاء الكفار لها ، يخبر عنها أنها تقول لأجسامها ولأصحابها : " أخرجوا أنفسكم " إلى سخط الله ولعنته ، فإنكم اليوم تثابون على كفركم بالله ، وقيلكم عليه الباطل ، وزعمكم أن الله أوحى إليكم ولم يوح إليكم شيئا ، وإنكاركم أن يكون الله أنزل على بشر شيئا ، واستكباركم عن الخضوع لأمر الله وأمر رسوله ، والانقياد لطاعته " عذاب الهون " وهو عذاب جهنم الذي يهينهم فيذلهم ، حتى يعرفوا صغار أنفسهم وذلتها ، كما : -

13568 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما " عذاب الهون " فالذي يهينهم . [ ص: 541 ]

13569 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج : " اليوم تجزون عذاب الهون " قال : عذاب الهون في الآخرة " بما كنتم تعملون " .

والعرب إذا أرادت ب " الهون " معنى " الهوان " ضمت " الهاء " وإذا أرادت به الرفق والدعة وخفة المئونة ، فتحت " الهاء " فقالوا : هو " قليل هون المئونة " ومنه قول الله : الذين يمشون على الأرض هونا ) [ سورة الفرقان : 63 ] ، يعني : بالرفق والسكينة والوقار ، ومنه قول جندل بن المثنى الطهوي :


ونقض أيام نقضن أسره هونا وألقى كل شيخ فخره



ومنه قول الآخر :


هونكما لا يرد الدهر ما فاتا     لا تهلكا أسفا في إثر من ماتا



[ ص: 542 ] يريد : أرودا . وقد حكي فتح " الهاء " في ذلك بمعنى " الهوان " واستشهدوا على ذلك ببيت عامر بن جوين :


يهين النفوس ، وهون النفو     س عند الكريهة أغلى لها



والمعروف من كلامهم ، ضم " الهاء " منه ، إذا كان بمعنى الهوان والذل ، كما قال ذو الإصبع العدواني :


اذهب إليك فما أمي براعية     ترعى المخاض ولا أغضي على الهون



يعني : على الهوان وإذا كان بمعنى الرفق ، ففتحها .

التالي السابق


الخدمات العلمية