الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 205 ] 182 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ينبغي أن يفعل بمن رأى منه منكرا وبقوله في ذلك : ولتأطرنه على الحق أطرا

1163 - حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي قال : حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال : حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن العلاء بن المسيب ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي عبيدة ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كان من كان قبلكم من بني إسرائيل إذا عمل العامل منهم بالخطيئة نهاهم الناهي تعزيرا ، فإذا كان من الغد جالسه وآكله وشاربه كأنه لم يره على خطيئة بالأمس . فلما رأى الله عز وجل ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ، ثم لعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم صلى الله عليهما ؛ ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون .

والذي نفس محمد - صلى الله عليه وسلم - بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يدي السفيه ، ولتأطرنه على الحق أطرا - أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ، ويلعنكم كما لعنهم
.

[ ص: 206 ]

1164 - حدثنا يزيد بن سنان قال : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا موسى بن أعين ، عن علي بن بذيمة ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل تدرون كيف دخل بني إسرائيل النقص ؟ قالوا : الله عز وجل ورسوله أعلم ! قال : إن الرجل منهم كان يعيب على أخيه الأمر ينكره ، فما يمنعه ما يرى منه أن يكون أكيله وشريبه ، فضرب الله عز وجل قلوب بعضهم ببعض وأنزل فيهم : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل ... أربع آيات متواليات .

قال : وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فورب محمد ، لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يدي الظالم ، وتأطرنه على الحق أطرا - أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض
.

[ ص: 207 ] قال أبو جعفر : فتأملنا قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : ولتأطرنه على الحق أطرا - فوجدنا أهل اللغة يحكون في ذلك عن الخليل بن أحمد أنه قال : يقال : أطرت الشيء إذا ثنيته وعطفته ، وأطر كل شيء عطفه كالمحجن والمنجل والصولجان .

ووجدناهم يحكون في ذلك عن الأصمعي أنه قال : يقال : أطرت الشيء وأصرته إذا أملته إليك ورددته إلى حاجتك ، فكان ما في هذا الحديث من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ولتأطرنه على الحق أطرا ، أي تردونه إليه وتعطفونه عليه وتميلونه إليه حتى يكون فيما تفعلونه به من ذلك كالمحجن والمنجل وكالصولجان الذي لا يستطيع أن يخرج مما عطف عليه وثني عليه ، ورد إليه إلى خلاف ذلك أبدا .

والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية